هدف في الوقت الضائع

انتهى وقت المباراة، وفي العيد بدا أن المعركة الانتخابية قد بدأت. والحوار بين الإخوان والحكومة جاء في الوقت الضائع. وذلك لا يمنع من تحقيق هدف حاسم. وإن كانت احتمالات ذلك محدودة. فقرار المقاطعة اتخذ بأكثرية، وليس في جعبة الحكومة تنازلات جدية يمكن أن تقدمها. وتحديدا ما يتعلق بقانون الانتخابات.
ما عدا قانون الانتخابات، يمكن أن تقدم الحكومة الكثير، وخصوصا ما يتعلق بضمانات نزاهة الانتخابات. وإشاعة أجواء الانفراج وتقديم مؤشرات باتجاه الإصلاح. في الضمانات يمكن للإخوان أن يقدموا تصوراتهم ومطالبهم، وهذا حقهم في ظل التزوير الفاضح الذي شهدته انتخابات 2007، وفي أجواء الانفراج كانت البداية في التراجع عن قرارات استيداع المعلمين، ويؤمل أن أن تتلوها خطوات باتجاه إنشاء إطار مؤسسي للمعلمين. أما المؤشرات العامة فهي مفتوحة، وتصلح التعيينات في التعليم العالي نموذجا لها.
من ملامح الخراب الأساسية كانت العبث في الجامعات، وفيها تم تجفيف ينابيع العمل السياسي بعامة والإخواني بخاصة. وتحولت مجالس الأمناء إلى جوائز ترضية سياسية للمسؤولين السابقين الذين لا علاقة لهم بالتربية ولا التعليم العالي. من قرأ قائمة التعيينات لا يملك ألا أن يلحظ وجود مراجعة جدية أعادت أسماء لها صدقية واحترام إلى الجامعات، وتلك الأسماء هي القادرة على الإصلاح من القاعدة. فالتراجع من العام 1993 خرّب البنى الاجتماعية والثقافية على السواء مع القوى السياسية.
ليس من أجل سمير الرفاعي، وليست حملة علاقات عامة له. من أجل البلد على الإخوان أن يراجعوا قرار المقاطعة. رؤساء الحكومات سريعا ما يتغيرون، الكارثة في القوى السياسية المشوهة التي تنمو وتزدهر في غياب القوى السياسية الحقيقية. وتلك القوى تنشأ معها شبكة مصالح تجعلها قوة قائمة بذاتها لا تحتاج إلى تزوير. منذ متى بدأ الناس يبيعون أصواتهم؟ منذ قاطع الإخوان انتخابات 1997، وبعد ذلك العام استشرت الظاهرة، وفي آخر انتخابات وجدت تواطؤا إن لم نقل رعاية.
للإنصاف، من المتضرر من الجدية في التعامل مع الأصوات المهاجرة؟ الإخوان هم المستفيد الأول، والمتضرر هم مافيات شراء الأصوات. في الانتخابات السابقة كان ثمة غض طرف وتشجيع لنقل أصوات لصالح مرشحين، اليوم حصل العكس تماما. ولكن في ظل المقاطعة، فإن المتغير هو سعر الصوت، إذ سيرتفع في ظل قلة العرض وازدياد الطلب. وسنجد نوابا يمثلون دوائر كبرى بألف صوت مشترى أو حقيقي.
قانون الانتخابات سيئ، وكان بإمكان الحكومة أن تقدم قانونا أفضل، لكن هذه هي الحال منذ العام 1993، ولا وهم بأن هذه الانتخابات ستكون مثل انتخابات عام 1989. المؤكد أن تكون أفضل من 2007، ومن الممكن أن تكون أفضل من 1993 وما بعدها. والتحدي ليس أن تكون أفضل من سابقتها المهم ألا تكون أسوأ.