حتى لو فشل الحوار..

ليست "مفاوضات مباشرة" بين الأعداء، هي حوار مباشر بين خصوم سياسيين. والمشترك بينه وبين المفاوضات المباشرة انخفاض سقف التوقعات. فسمير الرفاعي ليس نتنياهو وحمزة منصور ليس عباس. والحوار بذاته مطلب. وسيكتشف المتحاورون أنهم قادرون على التعايش معا الآن والتعاون مستقبلا، وصولا إلى التشارك، فالتداول، نعم تداول السلطة!
هل يمكن أن يكون سمير الرفاعي في المعارضة يشكو من تغول حكومة حمزة منصور؟ ليس ذلك فحسب. المواقع الإلكترونية ستنهش الحكومة، وتستغل التنافس بين وزير الخارجية ارحيل الغرايبة ووزير الإعلام زكي بني إرشيد، ومنظمة هيومان رايتس ووتش تشكو من قسوة وزير الداخلية ميسرة ملص على المتظاهرين وتماديه في سحب الأرقام الوطنية.
لماذا نستغرب، هل يوجد في المعارضة عندنا من هو أكثر تطرفا من وزير خارجيتهم ليبرمان؟ وهو بدوره يعد ليبراليا أمام أصحاب اللحى الطويلة في شاس. وهمام سعيد نفسه أكثر وسامة من الحاخام عوفاديا يوسف.
نظريا ذلك وأكثر منه ممكن، فأبسط مبادئ الديمقراطية تداول السلطة. ويجب أن نظل نأمل ونعمل من أجل الوصول إلى يوم يعيش فيه أولادنا مثل أولاد المجتمعات الديمقراطية، بحيث يطمح كل منهم إلى أن يكون رئيس وزراء، في الوقت الذي يقبل فيه أن يهزم في الانتخابات أمام زميله ويقبل تداول السلطة معه.
حتى نصل إلى ذلك اليوم، لدينا طريقان، إما الإصلاح المتدرج، أو الثورة. والطريق الواقعي والدستوري هو الأول. أما الثاني، فهو غير دستوري وغير واقعي.
ويدرك "الثوريون" أن لا جماهير ولا شارع ولا ما يحزنون.
ليس أمامنا إلا الإصلاح المتدرج، ويبدأ بإشاعة أجواء التعايش والقبول بالآخر والحوار. وهو لا يعني رفع راية بيضاء واستجداء الحكومة. من حق المعارضة استنفاد كل وسائل الضغط السلمي. وفي حراك المعلمين نموذج لممارسة الضغط والجلوس إلى مائدة الحوار. والإخوان عندما قاطعوا مارسوا أقصى درجات الضغط على الحكومة. وهذه أبسط حقوقهم.
النقابات عندما أصدرت بيانها الناري الداعي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، كانت تمارس ضغطا سياسيا. وانتهى الضغط بزيارة رئيس الوزراء لمجمع النقابات، وتشكيل لجنة مشتركة. لم تنته اللعبة فقد تعاود النقابات إلى الضغط في قضايا أخرى وقد تمارس الحكومة ضغوطا من قبيل تغيير قوانين النقابات، ومنذ عقدين تطالب النقابات بحكومة وحدة وطنية وتهدد الحكومات بتغيير قوانينها، فلا تلك الحكومة تشكلت ولا القوانين تغيرت؛ قوانين النقابات وقوانين اللعبة .
(الغد )