عربة الحكومة وغيارها العكسي !!!

تم نشره الأحد 19 أيلول / سبتمبر 2010 04:40 صباحاً
عربة الحكومة وغيارها العكسي !!!
خالد محادين

أعلنت الحكومة الرفاعية – منذ اليوم الأول لتوليها حكمنا أنها لن تعمد إلى ترحيل المشكلات وقد أوفت بهذا الوعد عندما خصصت كل طواقمها من الشاحنات الصغيرة والشاحنات الكبيرة – لنقل المزيد من المشكلات الجديدة لقهر الناس بها وإلقاء المزيد من الهموم والمتاعب على كواهلهم، وإضافة عشرات المشكلات إلى ما كانوا يعانون منه من مشكلات، وأكدت هذه الحكومة بسياساتها وقراراتها وقوانينها المؤقتة وتوجهاتها أنها سلطة إحتلال بكل ما يعنيه التعبير.

وبالرغم من طيبة الأردنيين وقناعاتهم الثابتة أن هذا الوطن وطنهم وأن أية حكومة تتولى أموره يجب أن تنطلق من محبتها له وليس من عدائها وليس من الحقد عليه وليس من التعامل معه كشعب لا يستحق اية رعاية رسمية، فقد بدأت الحكومة مسيرتها المتعثرة بإظهار كل أشكال العداء والإحتقار للإردنيين وكان من الطبيعي أن تستفز هذه السياسة الحكومية غالبية المواطنين وأن يشعروا نحوها بعدم الثقة فيها، من منطلق أن الآباء والأجداد أقاموا بلدا آمنا وأنه لا يحق لمسؤول واحد أن يتصرف فيه وفي شؤونهم تصرف المندوب السامي أو الحاكم العسكري الذي يرفع شعارات مثل (يا أرض اشتدي ما حدا قدي) أو (اللي مو عاجبه رئيس الحكومة والحكومة فليشرب من ماء البحر الميت) أو مثل شعار (هذه مزرعتي وأنا حر في التعامل مع عبيدها وأقنانها كما أشاء).

استهلت الحكومة مسيرتها بتشويه صورة الحكومات السابقة، وبدأت حملتها وانتهت في مكافحة الفساد بقضية المصفاة، تشهيرا بأناس لم تثبت الإدانة عليهم وبحجز على أموالهم دون مبرر قانوني، وبإلقائهم في السجن دون حق التكفيل المصون للمتهم قبل إدانته، وبمنعهم من الرعاية الطبية التي هي حق حتى للقطط والكلاب، ثم بالإفراج عنهم بعد أن خشيت أن يموتوا في السجن أو في سيارات الأمن والدرك، وأنتهى عنوان مكافحة الفساد، وكان هذا الوطن المسروق والمنهوب لا فساد فيه ولا فاسدون يتقدمون الصفوف في كل المناسبات الدينية والوطنية والإجتماعية.

يملأ رئيس الحكومة الشواغر وأنصاف الشواغر بالمحسوبين عليه رغم وجود لجنة لإختيار المؤهلين للوظائف تتلقى قرارات الرئيس بالتعيين أو بالإقالة أو بالإجبار على الإستقالة أو بالتقاعد المبرر وغير المبرر دون أن يجرؤ عضو في هذه اللجنة على رفع أصبعه تحت مقعده، وقد نالت شركة دبي كابيتال حصة الأسد واللبؤة من وظائف هذه الحكومة حتى ضاقت الرئاسة بالذين تم تعيينهم بعقود ضخمة، دون أن يفعلوا شيئا، فدولة الرئيس لا يحتاج إلى مستشارين وهو لا يقبل ملحوظة أو رأيا أو نصحا من وزرائه وما يقرره يتم إقراره ويعقب هذا صمت خجول ومدان من بقية طاقم الحكومة المنقسم على نفسه فريقين وأربعة وربما اكثر.

بعد تسعة شهور من وصول هذه الحكومة المفاجئ إلى الدوار الرابع كيف تبدو الصورة؟ وأية نسبة من المواطنين تشعر نحوها بالرضا أو لا تشعر نحوها بالسخط، كما يبدو أن وقود عربة الحكومة آخذ بالنفاذ، حيث يفقد السائق السيطرة عليها في النزول ويعجز الطاقم كله عن دفعها في أول طلوع يواجهها، لهذا فقدت العربة كل غياراتها فلم يتبق منها سوى الغيار العكسي.

1- في قضية المعلمين ومطاردتهم وطردهم بالنقل التعسفي والإستيداع أجبرت الحكومة على إلغاء قراراتها دون أن يتخلى معلمو الوطن عن مطالبهم المشروعة كمواطنين.
2- في قضية القانون المؤقت لجرائم المعلومات الذي فضحنا أمام العالم وأمام الدول والحكومات التي تقدم لنا المساعدات والقروض بسبب كونها مغشوشة في ديمقراطيتنا الزائفة، عادت الحكومة محاولة إزالة بعض البنود والمواد العرفية دون أن تشعر المواقع الألكترونية بالحد الأدنى من الطمأنينة، فهذه الحكومة بموقفها المعادي للحريات وخاصة حرية الرأي والتعبير لا يؤمن جانبها قط.
3- في قضية ممارسة أبشع أشكال العداء للنقابات المهنية ذات التاريخ المشرق في خدمة الأردن في المجالات كافة، ظل النقباء يطلبون مقابلة الرئيس ويرفض لقاءهم حتى اضطرّ تحت الضغط الذي نعرفه إلى الذهاب إليهم في بيت خبرتهم ومواطنتهم وتعدديتهم الفكرية ليحاورهم ويستمع إليهم لا كي يستمعوا إليه فقراراته وسياساته تغني عن كل قول، وهي معيار الإلتزام بخدمة البلد وأهله وليس المعيار الكلام الكثير الذي لا يقول شيئا.
4- في قضية الإسلاميين والقوى الوطنية التي أعلنت مقاطعتها للإنتخابات النيابية القادمة، ظل الرئيس وكل وزرائه وكل مستشاريه الكثر يؤكدون أن لا أهمية لهذه المقاطعة وأن لا وجود مهم للإسلاميين وبقية القوى الوطنية في الشارع الأردني وأن مشاركتهم وعدم مشاركتهم سيان، ثم أن الحكومة ليست مستعدة لأي حوار مع هذه القوى، حتى فرض على الحكومة استقبال قيادات إسلامية للتحاور معها فإذ ببالون الحكومة بلا هواء وغمد سيفها بلا سيف وعنادها الأجوف ينتهي إلى طلب الحوار لأنه سلوك حضاري ووطني وإنساني.

ليس للحكومة شرف التراجع عن سياساتها المعادية للأردنيين وقواهم الإجتماعية والسياسية والنقابية، وفقدانها لغيارات سيارتها عدا الغيار العكسي هو ما أعادها إلى درجة الصفر والرضوخ والصحوة المتأخرة، وعبر تاريخ الأردن مرّت على الناس حكومات كثيرة تميزت بالحكمة والصلابة والوعي والمسؤولية وعند أول خطأ أو سقطة لها كانت ترحل (غصبن عن اللي خلفها)، ولأن حنكة الرئيس سمير الرفاعي وحكمته تجعلانه أكبر وأقوى من أن يقبل نصحا أو يتقبل نصيحة أو أن للآخرين رأيا أكثر حصافة من رأيه وحيدا، فإن من الصعب على من هو مثلي أن يبادر إلى مثل هذه المغامرة، وأعرف أن الرجل بتميزه وجيناته يعرف أنه لم يخطئ وأن لا أحد مثله قدرة على إدارة شؤون البلد حتى دفعه وقد صار على الحافة إلى جب عميق نحتاج إلى سنوات كثيرة لإخراجه منها وإعادة ترميمه بعد أن ارتكب دولته كل ما ارتكب في وضح النهار وبكل العناد ودون أن يسأل في أحد ممن يدبون على الأرض من مواطني الأردن الأوفياء والأغنياء بوطنهم الفقير العزيز.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات