تراجع الدولرة لحساب الدينار

من مبادئ العمل المصرفي السليم أن لا تأخذ البنوك مراكز لها بأية عملة، بل تحتفظ بموجودات ومطلوبات متعادلة من كل عملة، بحيث تتجنب أخطار تقلب أسعار الصرف. وأخذ مركز بعملة ما يعني نوعاً من المضاربة، والسعي لتحقيق ربح فيما إذا ارتفع سعر تلك العملة، وقد يحدث العكس.
حتى وقت قريب كانت البنوك الأردنية تأخذ مراكز لها بالعملات الأجنبية، وخاصة الدولار، لاعتقادها بأنه أقوى من الدينار، وأن أي تغيير في سعر الصرف لن يكون لصالح الدينار.
في حينه كان البنك المركزي يضع سقفاً على مقدار العملات الأجنبية التي يحتفظ بها البنك فوق مطلوباته والتزاماته بتلك العملات، وكانت البنوك تستعمل الحد الأقصى المسموح به بحجة تغطية التزاماتها الطارئة بالكفالات والحوالات الصادرة والاعتمادات المستندية وما إلى ذلك.
في عام 2006، على سبيل المثال، كانت البنوك الأردنية مجتمعة تحتفظ بعملات أجنبية تعادل 6203 مليون دينار مع أن مطلوباتها بتلك العملات لم تزد عن 3808 مليون دينار، أي أنها كانت تحتفظ بمبلغ إضافي كبير بالعملة الأجنبية يعادل 2395 مليون دينار، وكأنها كانت تتوقع أن ينخفض سعر صرف الدينار فتحقق أرباحاً من فرق العملة.
على العكس من ذلك فقـد اختلف الوضع كثيـراً الآن، وأصبحت البنوك لا تأخذ مراكز، ففي 31/3/2010 كانت البنوك الأردنية تحتفظ بعملات أجنبية تعادل 6795 مليون دينار، مع أن مطلوباتها بالعملات الأجنبية تعادل 6757 مليون دينار، أي بفارق 38 مليون دينار فقط.
بذلك تكون البنوك قد حولت ما مجموعه حوالي 4ر2 مليار دينار من العملات الأجنبية إلى دنانير لتستفيد من ثبات سعر صرف الدينار تجاه الدولار وارتفاع سعر الفائدة على الدينار، سواء تم إقراضه لدوائر الأعمال، أو الاحتفاظ به لدى البنك المركزي، أو في سندات وأذونات الخزينة.
هذه الظاهرة منطقية وقد أسهمت في زيادة تراكم العملة الأجنبية في البنك المركزي بمقدار 38ر3 مليار دولار، يمكن أن تسترده البنوك من البنك المركزي إذا ارتفع سعر الفائدة على الدولار، علماً بأن وجوده في البنك المركزي يكلفه أكثر من 56 مليون دينار سنوياً كفرق فائدة.
المواطن أيضاً أخذ يفضل الدينار على الدولار وبذلك تراجعت الدولرة لصالح الدينار.
الراي