المسألة الديمغرافية

تم نشره الإثنين 20 آذار / مارس 2017 12:34 صباحاً
المسألة الديمغرافية
جميل النمري

لنفكر فقط أن عدد سكان الأردن قفز من أربعة ملايين ونصف المليون تقريبا العام 2001، ليصل الى تسعة ملايين ونصف المليون نسمة العام الماضي، فأي أثر لهذه الزيادة غير الطبيعية على البلد؟!
نحن نبحث كثيرا في المشاكل الفرعية وننسى مشكلة الأردن الأساسية، وهي النمو الديمغرافي غير الطبيعي. الموارد والإنفاق والخدمات لم يكن ممكنا أن تواكب هذا التوسع السكاني الاستثنائي. نسب النمو كانت تراوح حول معدلات طبيعية وصلت في أقصاها إلى 6 %، بينما بلغ متوسط الزيادة السكانية لغير الأردنيين 18 % سنويا ما بين العام 2004 والعام 2016، وللأردنيين بلغ متوسط الزيادة السنوية  5.3 %، وهي تفوق معدل الولادات الطبيعي، وتفسر بعودة الأردنيين من الخارج، وهذه الزيادات تزيد اضعافا عن فرص العمل التي يوفرها الاقتصاد.
حسب آخر إحصاء للسكان، فإن عدد غير الأردنيين يناهز ثلاثة ملايين نسمة، أو 30 % من السكان تقريبا، نصفهم من السوريين، ويتوزع الباقي على جنسيات أخرى، وخلافا لما حدث في دول الخليج التي استقطبت عمالة وافدة  تجاوزت أعدادها السكان الأصليين عدة مرات فلم تكن الزيادة عبئا لأنها جاءت حصريا للعمل وتوسيع الاقتصاد المدعوم بثروة نفطية هائلة، فإن الهجرة للأردن كانت قسرية إلى بلد لا يملك الموارد ولا الوظائف، ومثلت عبئا ثقيلا على الاقتصاد والموارد. ومع أنها، للوهلة الأولى، تحدث زيادة في الطلب على الاستهلاك وانتعاشا للسوق، لكنها ظاهرة عابرة لا تلبث آثارها السلبية أن تظهر لاحقا على المواطنين.
والحقيقة أن الأردن شهد دائما زيادات كبيرة في أعداد السكان، وجزء منها يعود إلى ظاهرة عامة بالنسبة للبشر في كل مكان، حيث أدى التقدم العلمي والطب إلى القضاء على الأوبئة وتقليص الوفيات وزيادة الولادات ومعدل الأعمار، والأردن، على وجه الخصوص، من الدول التي استمر معدلات الولادة وحجم الأسر في الارتفاع ليصل 7 أفراد للأسرة، وهو الآن عاد إلى معدل 5 أفراد للأسرة،  فيما يعود الجزء الأكبر من الزيادة في الأردن للأحداث السياسية وموجات اللجوء.
لقد حقق الأردن قصة نجاح في التنمية وتطوير البنية التحتية والخدمات والطرق والتعليم والكهرباء والماء والمجاري والإدارة، لكن النمو الديمغرافي توسع بصورة تتجاوز إمكانية الموارد في توسيع البنية التحتية وتطوير الخدمات، والأزمات منذ احتلال العراق لم تترك فرصا للأردن، فقد كانت انتكاسات ضربت الاقتصاد وأربكت الخطط. وابتداء من الأزمة الاقتصادية العالمية العام 2008، أثرت كل الأزمات بصورة سلبية قوية على الأردن، بحيث عادت المديونية للارتفاع بصورة متصاعدة أوصلتها إلى حوالي 25 مليار دينار.
من باب الإنصاف القول إن الظروف التي واجهت الأردن كانت أكبر مما يمكن لنمو الموارد أن يفي بمتطلباتها. فالأردن، على سبيل المثال، فقير أصلا بالمياه، وضخ الماء من مصادره المحدودة إلى البيوت مكلف جدا. خذ مثلا ضخ الماء من منخفض اليرموك إلى إربد ومناطق الشمال، أو من الديسي إلى عمان، فكيف سيكون عليه الأمر عندما يصبح مطلوبا ضخ ما يكفي 10 ملايين إنسان بدلا من أربعة ملايين.
الأمر نفسه يمكن سحبه على جميع الخدمات الأخرى، وأعتقد أن جهودا ضخمة بذلت لتدارك الفجوة، لكن واقعيا كان من المستحيل توفير الموارد الضرورية لذلك، وبالعكس فإن إغلاق الحدود العراقية والسورية وارتفاع كلفة النفط وإغلاق سوق الخليج فاقم الأزمة، وإذا كان من مسؤولية على الحكومات المتعاقبة فهي مستوى كفاءة التعامل مع الأزمات الاستثنائية الحادة ووضع سياسات طوارىء ملائمة لتقليل الخسائر.
لكن، ما أريد الوصول إليه في هذا المقال، هو وضع المسألة الديمغرافية في الأردن على الطاولة ونحن نفكر في سياسات المستقبل.

الغد 2017-03-20



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات