مقاطعة في الأردن ومشاركة في مصر

تم نشره الإثنين 20 أيلول / سبتمبر 2010 06:43 صباحاً
مقاطعة في الأردن ومشاركة في مصر
ياسر ابوهلالة

عندما عرض سعيد رمضان مبعوث الإمام حسن البنا دعوة الإخوان على الملك عبدالله المؤسس أعجب بأفكاره إلى درجة إنه طلب استقدامه من مصر لمنحه لقب الباشوية. هذه الواقعة يثبتها مؤرخ الإخوان عبدالحليم محمود في "أحداث صنعت التاريخ"، ويوثق الدكتور عزت العزيزي في مقالة نشرتها "الرأي" أن الملك المؤسس رعى افتتاح أول شعبة للإخوان. وفي المواجهة بين عبدالناصر والإخوان استقبل الأردن مطاردي الإخوان (كالأخوين كامل ومحمود الشريف اللذين صارا وزيرين من بعد).

لم يتغير الكثير مذ ذاك التاريخ، فقد ظلت علاقات الإخوان مع النظام في الأردن حميمة، تماما كما ظلت متوترة مع النظام المصري. وحتى في أسوأ مراحل العلاقة بين النظام والإخوان في الأردن لم تصل إلى مثل أحسن الحالات في مصر. فمنذ تأسست الإمارة إلى اليوم لم يصل عدد معتقلي الإخوان في الأردن ما وصله عدد معتقلي الإخوان في محافظة مصرية في شهر. وفي الوقت الذي يستقبل الملك ورئيس الوزراء وأركان الدولة ممثلي الإخوان لا مكان في الدولة المصرية للإخوان غير نظارات أمن الدولة.

فوق ذلك، يقاطع الإخوان الانتخابات في الأردن ويشاركون في مصر! قد يفسر ذلك بالعودة إلى شرعية النظامين، فالنظام في الأردن يستمد شرعيته من الدين، وكان شعار الثورة العربية الكبرى "حفظ الدين وحرية العرب"، بخلاف النظام المصري الذي تأسست شرعيته على الثورية الناصرية التي خاضت مواجهة دموية مع الإخوان.

فعندما يقاطع الإخوان الانتخابات يمارسون أقصى درجات المعارضة من داخل النظام، ويظلون قوة شرعية يعتد بها. وعندما يشاركون في مصر يظلون خارج النظام باعتبارهم جماعة "محظورة". هنا يقاطعون ليقولوا نحن موجودون ونريد إصلاحا جذريا، وفي مصر يشاركون ليقولوا اقبلوا بنا نحن موجودون بقوة الأمر الواقع.

الدستورية التي نظر لها الأمام البنا لا تعني تحوّل الإخوان إلى "مخاتير" يدعون في المناسبات ويصلحون ذات البين، بقدر ما تعني الندية في التعامل مع الحكومات ومعارضتها ومحاسبتها، وصولا إلى "الخلع والإبعاد" إن لم يجدِ "الوعظ والإرشاد". وأزمة العالم العربي كله غياب الوعي الدستوري، فإما تمرد مسلح يهلك الحرث والنسل، أو ثورة عمياء تذر البلاد قاعا صفصفا، أو ذليلة سياسية وخور وجبن وخواء!

يترك الإخوان ساحة العمل النيابي لدورة، كما فعلوا في العام 1997، لكن عليهم أن يشيعوا الثقافة الدستورية، ولا يذرون انتخابات بلدية أو محلية أو طلابية إلا ويخوضونها. وعليهم واجب وطني وإنساني أن يقدموا نموذجا في العلاقات الداخلية بينهم، فهم التنظيم الوحيد العابر للنهر، مما يجعلهم آصرا من أواصر الجسد، وتجسيدا للوحدة الوطنية. وتلك مهام إن أدوها تفوق العمل النيابي أهمية. وتؤهلهم لخوضه بجدارة في قادم الأيام. ومع ذلك تظل خسارتهم وخسارة البلاد كبيرة بمقاطعة النيابة.


( الغد )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات