في نادرة سياسية لونستون تشرشل رئيس الوزراء البريطاني التاريخي، أن سأله أحد الباحثين: كيف حكمتم الهند أربعمائة عام بثلاثة آلاف موظف في حكومة الراج؟! فقال:
- دون تحليل كثير، فإن الهندوس هناك يأكلون لحم الخنزير ولا يأكلون لحم البقر. والمسلمون يأكلون لحم البقر ولا يأكلون لحم الخنزير، ونحن نأكل البقر والخنزير!!.
والنادرة رمزية، وتذكرنا بالصراع المفتوح بين سنة لبنان وشيعته. وتذكرنا بما يجري في الكويت إذ يتذكر أحد علماء الدين من لندن أن السيدة عائشة وقفت في معركة الجمل ضد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ومثل ذلك صراع السلفية السنية (القاعدة) مع حكومة اليمن الزيدية، وصراع أصدقاء إيران الحوثيين معها أيضاً. وفي البحرين يأخذ صراع السنة والشيعة أشكالاً مختلفة في الأزمة الديمقراطية المعقدة!!.
تشرشل بأسلوبه الساخر لم يتجاوز حقائق الصراع في القارة الهندية التي كانت تضم الهند وباكستان وبنغلاديش. وقد اختار المسلمون الانفصال الديني عن الدولة المدنية، فلم يكن أكلهم لحم البقر هو حصيلة الانفصال المريع وإنما حرب المسلمين وانفصال بنغلاديش، وترك كشمير نهباً للتقسيم الديني، وتدهور أوضاع الدولتين بنغلاديش والباكستان من الداخل!!.
وفي لبنان والعراق يأخذ الصراع السني – الشيعي مداخل أخرى غير السيدة عائشة وعلي ومعاوية، فقد اتفق الجميع على مقاتلة الغازيين الأميركي والإسرائيلي.. فصار القتال عراقياً – عراقياً ولبنانياً – لبنانياً. ولم يعد حزب الله معسكر مقاومة وإنما معسكر ضد حكومة السني الحريري، وضد محاكمة قاتلي السني الحريري، .. وفي العراق وبعد ستة أشهر من انتخابات نيابية ما يزال الصراع على الحكومة صراعاً مذهبياً وعنصرياً!!. فيما تقوم الولايات المتحدة بايجاد قواسم عراقية بينها وبين إيران!!.
نحن، وبكل بساطة، فقدنا بوصلتنا القومية والحضارية وتحولنا من وطن العرب الموحد المتناغم إلى تجمعات سنية وشيعية وقبطية ودرزية وكردية وزيدية وعلوية متحاربة. وصار إسلامنا المتحضر مطية للمال والإرهاب، وأصبح الحاكمون وكلاء لقوى الانحطاط أو لقوى التجبر الدولي.. آكلي لحوم البقر والخنازير ولحم الشعوب!!
فقدنا بوصلتنا القومية والحضارية!
تم نشره الثلاثاء 21st أيلول / سبتمبر 2010 04:07 صباحاً

طارق مصاروة
الراي