التخاصية – ثورة هامشية !

هناك مبالغة شديدة في الحديث والنقاش حول موضوع التخاصية في الأردن، فقد شبعنا من الحوار الساخن حول الإيجابيات والمزايا من جهة، والسلبيات والمخاطر من جهة ثانية، بحيث يبدو وكأن التخاصية، التي أخذت مجراها خلال العقدين الماضيين، إما أنها السبب في تقدم وازدهار ونمو الاقتصاد الأردني حسب رأي البعض وإما أنها السبب في كل التراجع والركود والفقر والبطالة حسب رأي البعض الآخر.
لا بد والحالة هذه من وضع الأمور في نصابها، وإعطاء التخاصية حجمها الحقيقي قبل أن ننسب إليها كل الإيجابيات أو كل السلبيات حسب مواقفنا الإيديولوجية، وتصميمنا المسبق على إصدار الأحكام القاطعة بهذا الاتجاه أو ذاك.
تدل دراسة تفصيلية كان قد قام بها البنك الدولي قبل البدء بتطبيق برنامج التخاصية، أن مساهمة شركات ومؤسسات القطاع العام الإنتاجية، أي العاملة في الصناعة والسياحة والاتصالات والخدمات، يعادل 14% فقط من الناتج المحلي الإجمالي، بمعنى أن 86% من الفعاليات الاقتصادية في الأردن كان يقوم بها القطاع الخاص.
حرية ومبادرة ونمو القطاع الخاص في الأردن ظواهر قديمة وراسخة سابقة للتخاصية وليست بنتاً لها أو إحدى نتائجها. وبرنامج التخاصية كان يتعلق بعدد من المؤسسات والشركات الحكومية لا تزيد حصتها عن 7% من الناتج المحلي الإجمالي وقد تم الانتهاء من تخاصيتها، ولم يبق أي مشروع آخر ما زال على قائمة التخاصية، لدرجة أن الهيئة التنفيذية للتخاصية لم تفعل شيئاً منذ ثلاث سنوات، وإن كانت تبحث عن دور جديد يبرر استمرارها، وهو ما يسمى الشراكة بين القطاعين العام والخاص، أي القيام بمشاريع يتحمل القطاع الخاص مسؤولية تمويلها وإدارتها وتتحمل الحكومة مخاطرها وتقدم لها البنية التحتية وتضمن أرباح المستثمرين.
إذا كان الأمر كذلك، فإن ملف التخاصية يمكن أن يطوى نهائياً، فحجمه الصغير، 7% من الاقتصاد الوطني، لا يشكل ثورة اقتصادية أو اجتماعية، كما أن البرنامج استكمل، ولم نعد بانتظار أعمال تخاصية أخرى، إلا إذا استمرت الحكومات في إنشاء شركات حكومية جديدة للقيام بنشاطات تجارية مع أن القطاع الخاص قادر على القيام بها.
الراي