المشهد النيابي من دون المجالي والروابدة

بإعلان المهندس عبد الهادي المجالي عدم الترشح للانتخابات النيابية المقبلة، تنحسم عقدة بقيت معلقة على مدار الأسابيع الماضية على المستويين العشائري والسياسي.
كان تعيين المجالي والروابدة عضوين في مجلس الأعيان بعد حلّ مجلس النواب على الفور، قد أعطى رسالة ضمنية بالتوجه نحو التغيير. فالاثنان تصدرا المجالس النيابية الأخيرة وأدارا، كل من موقعه، لعبة النفوذ والمشاركة في القرار ورسما المشهد النيابي كما عايشناه على مدار عقد ونصف.
وقد حسم رئيس الوزراء الأسبق عبد الرؤوف الروابدة أمره مبكرا بالإعلان عن عدم نيته الترشح مرّة أخرى لمجلس النواب، بينما المجالي المرتبط بمشروع سياسي كبير لإنشاء حزب التيار الوطني، أبقى الأمر مفتوحا حتى أمس، وقد يكون البعد العشائري وتجنب الدخول في صدام وانقسام داخلي خطير قد لعب دورا في قراره التخلي عن الترشح، الى جانب قراءة الرسالة السياسية المحتملة في حلّ المجلس وتعيينه عضوا في مجلس الأعيان. وقد أكّد المجالي استمرار دوره السياسي رغم عدم ترشحه، وهو بالفعل يدير الآن مباشرة عملية تشكيل قائمة التيار لمجلس النواب.
ليس مرجحا أن تلعب القوائم دورا رئيسيا، رغم التوجه القوي لتشكيل قوائم تضيف عمقا سياسيا على الانتخابات، لكن روح التغيير ستشمل على الارجح تشكيل الكتل على أسس أكثر جدّية والتزاما، وسيلعب إصلاح النظام الداخلي لمجلس النواب دورا في مأسسة الكتل.
لم يرغب أحد من الأقطاب في الدورات الماضية بهذا الإصلاح، رغم أن الأفكار والمقترحات كانت موجودة وقدمت في كل مرّة كان يبحث فيها تغيير النظام الداخلي لمجلس النواب. وكان ثمّة تواطؤ ضمني لإبقاء الآليات القديمة التي يتقن الأقطاب اللعب في ساحتها.
ما هي الميزة باستبدال رئيس وزراء أو نائب رئيس وزراء أو وزير سابق بآخر داخل المجلس النيابي؟ ليس هناك فرق سوى استبدال من أدمن العمل بطريقة معينة بآخر جديد على الساحة النيابية لا يحمل الإرث الثقيل للأساليب القديمة المستهدفة بالتغيير. والرموز الجديدة ستكون طبعا أكثر قابلية للتعامل بأفكار وأدوات جديدة.
مع التغيير المتوقع في الأشخاص وفي المناخ السياسي، لا بد أن نشهد تغييرا في الأداء، ولا بدّ كبداية أن يفتح المجلس الجديد على الفور ملف الإصلاح الداخلي الذي سينقذ مجلس النواب من السمعة السيئة التي التصقت به. وحسب التصريحات الرسمية فهناك مدونة سلوك خاصّة بالنواب يفترض إقرارها إلى جانب مدونة سلوك الوزراء والمسؤولين. والمدونتان معا يفترض أن تحددا نسقا جديدا للعلاقة بين مجلسي النواب والوزراء.
تجاوز الأساليب السابقة والمصالح السابقة يرتبط حتما بالتجديد في اللاعبين على المسرح النيابي، ومن الصعب فعلا ان نتخيل العودة مع المجلس الجديد إلى المربع القديم نفسه.