ليست «مصالحة» .. ولا «وطنية»

تم نشره الإثنين 27 أيلول / سبتمبر 2010 06:56 صباحاً
ليست «مصالحة» .. ولا «وطنية»
عريب الرنتاوي

فجأة ، بلا مقدمات ومن دون سابق إنذار ، يلمع "البرق اليماني" من رحاب مكة المكرمة ، يطفئ الوزير عمر سليمان الضوء الأحمر ، ويشعل "اللمبة" الخضراء ، بعد لقاء عابق بالأجواء الإيمانية والرحمانية مع خالد مشعل رئيس مكتب حماس السياسي ، تنطلق الاتصالات في شتى الاتجاهات وصولا إلى "المقاطعة" في رام الله ، فينطلق عزام الأحمد على رأس وفد غير رفيع إلى دمشق ، يلتقيه "أبو الوليد" في اجتماع "بناء ومثمر" ، يذلل الرجلان عقبات لم تذلل من قبل ، ويتعاهدان على اللقاء مجدداً لتذليل البقية الباقية منها ، على أمل أن تُشدّ الرحال قريباً إلى القاهرة ، لتوقيع "الورقة المصرية" كما هي حفظاً "لليمين" الذي قطعه مدير المخابرات المصرية ، بألا يسمح بفتح الورقة للنقاش مجدداً ، على أن تلصق بها ورقة التفاهمات المُلزمة بين فتح وحماس ، في تحايل غير مبدع ، على "أغلظ الأيمان" التي قطعت في سياق جهود استعادة المصالحة.

فجأة ، ومن دون توطئة أو تمهيد ، وبالضد من كل التكهنات والتوقعات ، باتت طرق الحوار والمصالحة سالكة وآمنة. نحن الذين كنا نرقب بقلق بالغ ، تفشي الانقسام وانتقاله إلى داخل منظمة التحرير على وقع الاستئناف غير المشروط للمفاوضات المباشرة ، فوجئنا بروح الوحدة الوطنية ترفرف في سماء "اللقاءات الأخوية البناءة" في دمشق....نحن الذين استوطنتنا الخشية من "تعمّيق" الانقسام وتكريسه و"لا نهائيته" ، وأخذنا نقرأ بإمعان كل سطر وجملة تصدر عن "الجبهة الشعبية" المُتفلًّتةً من عضوية اللجنة التنفيذية للمنظمة ، نفاجأ بمن يقول لنا: لسنا بحاجة لوساطة أو وسطاء ، طرقنا مفتوحة وآمنة وسالكة ، "اطلعوا منها واحنا بألف خير".

على من يضحك هؤلاء ، ومن يضللون؟...أية "مصالحة" تلك التي يتحدثون عنها ، وكيف تكون "وطنية" وحبر الاتهمات بالخيانة والعمالة لم يجف بعد ، وأثير تلفزيوني الأقصى وفلسطين ما زال متخماً بكل ألوان الاتهامات التخوينية و"الظلامية" المتبادلة ، فيما سجون الضفة وغزة ، بالكاد تتسع لساكنيها من "المجاهدين" و"المناضلين" من كلا الطرفين.

ما يجري تداوله تحت شعار "المصالحة" بين الفصيلين الكبيرين ، ليس سوى لعبة فصائلية انتهازية ، فلا هي "مصالحة" ولا هي "وطنية" ، هي في أحسن أحوالها صفقة تبادل منافع تكتيكية وصغيرة ، "فصائلية" بامتياز ، وهي ستعالج جميع الملفات من "الأمن والمال والحصار والسجون وتوزيع الثروة والسلطة" ، باستثناء الملف الأهم: فلسطين في مهب المفاوضات المباشرة والاستيطان المُستأنف.

 

فتح ، السلطة ، الرئاسة ، المنظمة وحكومة تصريف الأعمال ، تريد فترة "تهدئة" و"هدنة" مع حماس ، لتمرير عام المفاوضات المباشرة "على خير" ، والظهور على مائدة التفاوض بمظهر الممثل الشرعي الوحيد ، من دون أن تدفع الكثير من "جيب برنامجها السياسي" ، حماس بمقدورها أن توفر "البضاعة" وهي باقترابها من المنظمة ستجعل ابتعاد فصائل المنظمة عنها أمراً بلا مغزى أو قيمة...في المقابل تبدو حماس ، حركة وحكومة ، غزة ودمشق والضفة ، بحاجة ماسة لصفقة تخفف عنها أعباء الحصار و"الأزمة مع مصر" و"التجاهل" في قضية المفاوضات وشاليط والمعابر وكل ما ظنّت الحركة أنه أوراق قوة وعوامل مسرّعة لاعتراف العالم بها ، وإقدامه عليها ، وإدباره عن "خصومها ومجادليها" في رام الله ، فتح بمقدورها أن توفر "البضاعة" لكن عيون حماس ستظل متسمّرة على مصر ومعبر رفح.

إنها مفارقة حقاً ، إذ في الوقت الذي تتحضّر فيه "الشعبية" لمغادرة مقعد القيادة في المنظمة ، وترتفع كما لم يسبق من قبل ، نبرة الرفض والمعارضة في خطاب "الديمقراطية" و"حزب الشعب" وكثير من المستقلين أفرادا وجماعات ، تتجه حماس إلى "عقد الصفقات" مع الفريق الآخر ، حتى وإن كانت كلفتها التغطية على "مشروع المفاوضات المباشرة" الذي أقامت حماس الدنيا ولم تقعدها ، وهي تهدد وتتوعد بإسقاطه.

يحدثونك عن تقلبات الطبقة السياسية اللبنانية وأنموذجها الأكثر فجاجة: وليد جنبلاط ، أعتقد أن هؤلاء بحاجة لـ"دروس تقوية" يقدمها لهم نظراؤهم من الفلسطينيين الذين يبدو أن لسان حال بعضهم يردد: "أنا وإن كنت الأخير زمانه...لآت بما لم تستطعه الأوائل".

( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات