اقتصاديات الرواتب في القطاعين

صدر عن دائرة الإحصاءات العامة تقرير مثير للانتباه حول مسح الاستخدام، بيـّن أن معدل الرواتب في القطاع العام يزيد عن معدلها في القطاع الخاص بنسبة 26% مما أثار دهشة الكثيرين، فالانطباع السـائد هو أن راتب الوظيفة الحكومية أقل من الرواتب السائدة في الشركات والمصالح الخاصة، وأن موظف الحكومة يقبل هذا الوضع كثمن للاستقرار والأمن الوظيفي في الحكومة، وحقوق التقاعد والتأمينات الصحية والمزايا الأخرى الكثيـرة، فضلاً عن بذل مجهود أقل.
كان متوسـط الرواتب الشـهرية في القطاع العام عام 2008 حوالي 400 دينار مقابل 321 ديناراً في القطاع الخاص. المشكلة في هذه المقارنة تكمن في توظيف المتوسط الحسابي الذي يخفي الفروقات الهائلة بين رواتب القطاع الخاص، فمعظم العاملين في الصناعة والإنشاءات يتقاضون الحد الأدنى للأجور وهو 150 ديناراً شهرياً، في حين يتقاضى مدراء البنـوك والشركات رواتب تزيد 50 إلى 100 ضعف هذا الراتب، مما يجعل المتوسط الحسابي عديـم الفائدة، ويذكرنا بالرجل الذي وضع إحـدى يديه في فرن والثانية في ثلاجة وبذلك شعر (في المتوسط) بالراحة!.
لا يوجد مثل هذا التفاوت الصارخ في رواتب القطاع العام، ذلك أن راتب الأمين العام للوزارة لا يزيد عن خمسة أضعاف راتب سائقه.
أرقام الإحصاءات تظل مفيدة لقياس حركة الرواتب من حيث الزيادات السنوية والمقارنة مع تكاليف المعيشة. تشير الحسابات التي قمنا بها اعتماداً على الأرقام الإحصائية أن الرواتب في القطاع العام كانت ترتفع بمعدل 4ر7% سنوياً بين 2004-2008، وأن الرواتب في القطاع الخاص كانت ترتفع بمعدل 1ر11% سنوياً خلال نفس الفترة، أما تكاليف المعيشة فقد كانت ترتفع بمعدل 4ر9% خلال أربع سنوات.
العاملون في القطاع الخاص استطاعوا تحسين رواتبهم بما يعوض ارتفاع تكاليف المعيشة ويزيد بنسبة 7ر1%، في حين أن موظفي الحكومة لم يحافظوا على قوتهم الشـرائية، فكانت رواتبهم تتآكل بمعدل 2% سـنوياً خلال فترة البحث.
يذكر أن الإحصائية تسـتثني العاملين في الأجهزة العسكرية والأمنية في القطاع العام وعمال الزراعة في القطاع الخاص، وبالتالي فإن العينـة الموسعة التي خضعت للبحث شملت 4ر916 ألف عامل، 31% منهم في القطاع العام و69% في القطاع الخاص، والمتوسط العام للراتب الشهري للجميع هو 350 ديناراً.
الراي