الإنجاز المالي: إيجابيات وسلبيات

أظهـرت نتائج الموازنة العامة عن الشهور السبعة الأولى من السنة عدداً من الإيجابيات لم يقصر تقرير وزارة المالية في الإشارة إليها، وفي المقدمة نمو الإيرادات الكليـة بنسبة 9ر5%، وانخفاض النفقات الكلية بنسـبة 2ر6%، مما خفض العجز في الموازنة بعد المساعدات وقبلها بشكل ملموس.
لكن في هـذه النتائج سـلبيات لا تخفـى على أحد، ومنها أن النفقات الجارية ازدادت بأسـرع من ازدياد الإيرادات المحلية، مما خفض تغطية الإيرادات المحلية للنفقـات الجارية عما كانت عليه. وهذا مقياس هام للأداء المالي.
من ناحية أخرى فإن الفضل في زيادة الإيرادات العامة يعود لارتفاع المنح الأجنبية مما يقيس المجهود السياسي وليس المالي، في حين أن انخفاض النفقات العامة يعود إلى انخفاض النفقات الرأسمالية بسبب إلغاء وتأجيل بعض المشاريع غير ذات الأولوية.
هذه هي الصورة عند مقارنـة أرقام الموازنة لشهور هذه السنة بما يقابلها في السنة السابقة، ولكن السنة السابقة ليست مقياساً مثالياً، فقد كانت سنة الأزمة المالية والاقتصادية العالمية وتداعياتها المحلية، مما يتطلب سلوكاً مالياً مختلفاً في سياسات الإنفاق وفرض الضرائب.
الأسـلوب الأفضل لقياس الإنجاز المالي يتطلب مقارنـة الأرقام الفعلية للإيرادات والنفقات بأرقام الموازنة العامة المقررة، وهـذا ما لا يحدث إلا في نهاية العام وعند إعـداد الحساب الختامي، مع أنـه هو الأساس، فموازنة العام الماضي أصبحت في ذمة التاريخ، أما موازنـة العام الحالي فهي قانون وخطة ملزمة.
من حـق وزارة المالية أن تقول أن نمو الإيرادات المحليـة بنسبة 2% يعتبر إنجازاً بالنظر لإلغاء أكثر من عشرة أنواع من الضرائب عندما صدر قانون ضريبة الدخل الجديد، وليس معروفاً لماذا يتم إلغاء عشـر ضرائب بالرغم من عجز الموازنة وغياب أية بدائل لتعويض النقـص، فالإصلاح المالي مطلوب ولكنه يجب أن يكون محسـوباً، وقد اعتاد المجتمع على تلك الضرائب واسـتوعبها؟
أحسـنت الحكومة صنعاً عندما قررت من اليوم الأول أن إصلاح السياسة المالية له أولوية، وأن الهـدف خفض العجز والسيطرة على المديونية، وقد تحققـت بالفعل خطوات جيـدة بهذا الاتجاه تسـتحق التنويه بها، ولكن الطريق طويل والقرارات صعبـة.
الراي