حكم مخفف على مجرم لإنقاذ البورصة !!

تم نشره الخميس 30 أيلول / سبتمبر 2010 05:42 صباحاً
حكم مخفف على مجرم لإنقاذ البورصة !!
ياسر الزعاترة

في مفاجأة كانت متوقعة للمراقبين ، حكم في القاهرة على رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى بالحكم 15 عاما ، وبالمؤبد على الضابط السابق محسن السكري بتهمة قتل المغنية اللبنانية سوزان تميم ، مع أن الجريمة كانت عن سبق إصرار وترصد ، وبطريقة بالغة البشاعة.

للتذكير فقط ، فهشام طلعت مصطفى هو أحد قيادات الحزب الوطني الحاكم ، كما أنه أحد أكبر رجال الأعمال في مصر ، وهو واحد من أهم المليارديرات المعروفين بارتباطهم بقيادة الحزب الجديدة (لجنة السياسات بقيادة جمال مبارك).

والحال أنه لولا وقوع الجريمة على أرض الإمارات ، وإصرار هذه الأخيرة على مقاضاة القتلة لما وصلت القضية إلى ما وصلت إليه ، الأمر الذي تم الالتفاف عليه ، بدءا بالحكم بالإعدام على القتلة ، ومن ثم تنزيل الحكم بهذه الطريقة الغريبة ، وبالطبع بعد أن وقع إقناع أهالي القتيلة بالتنازل عن حقهم ، وهو ما تم مقابل مبلغ كبير من المال كما تقول الوقائع المنظورة.

القصة برمتها ليست مهمة لولا دلالاتها السياسية ، ففي دول العالم الثالث ليس ثمة قيمة تذكر للبشر ، وكم من جرائم عُرف مقترفوها ثم قيدت ضد مجهول ، وكم من تاجر للمخدرات واللحوم الفاسدة والمهربين ، فضلا عن ناهبي المال العام ، يصولون ويجولون (بعضهم نواب في البرلمانات) ، والناس تؤشر عليه من دون أن يمسهم أحد ، وكم وكم .. إلخ.

منذ البداية أقسم المصريون ، والعارفون بشؤون السياسة والمال في العالم العربي أن هشام طلعت لن يُعدم ، وأنه سيخرج من القضية "مثل الشعرة من العجين" بحسب المثل المصري ، مع العلم أن الحكم الجديد لا يعني أنه سيقضي المدة المذكورة في السجن ، والأرجح أن يخرج لاحقا بعفو خاص أو في سياق عفو عام ، فيما ندرك أنه لن يسجن بشكل عملي ، وإنما سيمارس حياته اليومية ، وحتى التجارية في مكان ما من دون أن يكون الأمر مفضوحا تماما.

ما إن صدر الحكم حتى ارتفعت مؤشرات البورصة المصرية بنسبة كبيرة (قيل خمسة في المئة) ، ما يشير إلى حجم النفوذ المالي للرجل في الاقتصاد المصري ، حيث يملك هو وحفنة من المليارديرات وأكثرهم ممن يدورون في فلك الحزب الحاكم أكثر مما يملكه عشرات الملايين من المصريين.

هذا هو زواج السلطة والثروة الذي عشناه في مصر وفي أكثر الدول العربية خلال العقود الأخيرة ، وهو الذي أدى إلى مزيد من نزق الأنظمة في التعاطي مع معارضيها ، فيما أدى أيضا إلى مزيد من الفساد والإفقار ، حيث تتآكل الطبقة الوسطى لصالح نسبة محدودة من أصحاب الثروات الهائلة ، فيما تهبط البقية الباقية إلى مستويات الفقر المدقع.

عندما تتحالف السلطة والثروة على هذا النحو يكون الوطن هو الخاسر بتضييع أمنه القومي ومصالحه العليا ، ويكون الشعب هو الخاسر بوصوله إلى منحنيات غير مسبوقة من الفقر ، وبالتالي الأمراض الاجتماعية (بعض الأفلام المصرية تصور جزءا من تلك الأمراض).

في مصر اليوم يصرخ الناس مطالبين بالتغيير ، بينما يتم اللجوء إلى الخارج من أجل دعم خيارات التوريث التي لا تترك كل شيء على حاله فحسب ، بل ربما زادته سوءا على سوئه أيضا.

يقول ربنا عز وجل: "وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا (في قراءة أخرى أمّرنا) مترفيها ، ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا" ، وموضوع الترف يحظى باهتمام خاص في القرآن الكريم ، لأن المترفين كانوا دائما ضد التغيير ، وهذه من سنن الكون ، وبالطبع لأن التغيير يهدد مصالحهم التي تتحقق ببقاء الوضع على حاله. يقول عز وجل: "وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون".

ما يجري في عالمنا العربي مثير للقهر ، فهذا الثراء الفاحش الذي يتسع على حساب الغالبية الفقيرة لا يمكن إلا أن يؤدي إلى الخراب ، وإذا لم تتحرك القوى الحية لمواجهة ذلك ، فإن القادم سيكون أسوأ. نسأل الله السلامة.

الدستور



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات