100 يوم في البيت الأبيض !!

الأعلامي الأميركي الساخر المشهور ستيفن كولبير هنأ شعب الولايات المتحدة لأن اميركا استطاعت الأستمرار في البقاء 100 يوم من عهد ترامب وعبرت هذه المدة بسلام. واشار كولبير في برنامجه الساخر أن ترامب هو اول رئيس اميركي يحصل على ادنى درجة قبول منذ عام 1945 ، وهو يشير بذلك الى تدني شعبية الرئيس ترامب في ظل الأنقسام في الشارع الأميركي ، وحجم التظاهرات والمسيرات الأحتجاجية الغاضبة التي انتشرت في شوارع مدن الولايات المتحدة منذ وصول ترامب الى الرئاسة الأميركية حتى اليوم.

اما الرئيس دونالد ترمب الذي اراد الأحتفال بانجازاته المضاءة باللون الأحمر على الخريطة الألكترونية ، وقف بين اللغة ولحظات الصمت والفكرة ، ولم يسعفه الحظ ولا اللغة على الخروج من معاركه القديمة فثبت انه ما زال عالقا في الماضي تائها في تفاصيل معركته الأنتخابية ، فتجاوز حضور مادبة العشاء التقليدية لمراسلي وسائل الأعلام في البيت الأبيض ، وواصل حملته على الصحف ومحطات التلفزة والأعلاميين.

وبهذه المناسبة ، وبعد أول 100يوم عجاف ، ثبت ان الرئيس الأميركي الجديد ما زال يخوض حروبه القديمة وخصوصا ضد ادارة الرئيس براك اوباما فاتهمها بارسال قوات اميركية الى الخارج والتخلي عن امن حدود الولايات المتحدة وأمنها الداخلي. وصادف أنه في الوقت الذي كان فيه ترامب يلقي خطابه كانت الفضائيات الأميركية والعالمية تبث خبر انتشار قوات اميركية جديدة على الحدود بين تركيا وسوريا ، اضافة الى القوات المتواجدة في العراق والشمال السوري من قبل ، والتي تم تعزيزها في عهد ترامب ، تحت عنوان الحرب على الارهاب والقتال ضد تنظيم داعش وحماية المنظمات المسلحة الكردية.

وفي خضم حروبه التي لم تتوقف ضد الأدارة السابقة ، واصل الرئيس الأميركي ، الذي اصدر اكثر القرارات في اقصر وقت ، حملته على الأتفاق النووي مع ايران ووعد « بقرارات مصيرية « بشأن الملف النووي ، كما وعد بمعارك كبرى آتية بعد مرحلة 100يوم مثمرة !!

واذا كانت « مكانة الدول « هي من اسباب ودوافع اشتعال الحروب ، فالرئيس ترامب كرر وعده للآميركيين باعادة اميركا الى سابق مكانتها وعظمتها ، وهو الوعد الذي اطلقه في حملته الأنتخابية. وقد يكون صادقا لأنه حقق ، في غياب الحكمة ، اكبر قدر من التوتر في العلاقات الأميركية مع الدول الأخرى ، حتى انه وضع العالم على حافة حرب نووية بسبب التصعيد والتهديد بضرب كويا الشمالية ، وهي الدولة التي يقودها زعيم اوحد لا يمكن التنبؤ بردة فعله على هذه التهديدات.

الحقيقة ان هذه الفترة القصيرة في البيت الأبيض ، اُثبتت ايضا ان الرئيس الميركي متقلب المزاج أو أنه متسرع في اتخاذ قرارت غير مدروسة لذلك تتغير قراراته بين لحظة واخرى ، ففي الوقت الذي اعلن فيه بانه غير معني بتغيير الأنظمة في الدول الأخرى ( اشارة الى سوريا ) ، أمر بقصف القاعدة الجوية السورية ، وارسل قوات برية الى الشمال ، ولم يثبت حتى الآن أن هذه القوات تخوض حربا ضد داعش بقدر ما هي تعمل على حماية التنظيمات المسلحة بهدف تثبيت حدود الأقليم الكردي كخطوة أولية لتقسيم سوريا.

وبالنسبة لقضية الشعب الفلسطيني ، عاد بوعده لنقل السفارة الأميركية الى القدس بهدف الأعتراف بالمدينة المقدسة المحتلة عاصمة لأسرائيل ، وقد يتم ذلك في زيارته القريبة للدولة العبرية ، مع ضرورة التذكير أنه قال في وقت سابق ان نقل السفارة سابق لأوانه. وهو يعلم انه بقراره الأخطر يكون قد أطلق رصاصة الرحمة على حل الدولتين.

هذا هو واقع الرئيس ترامب القادم من ملاعب الغولف والفنادق ومسابقات ملكات الجمال ، ومن مكتبه الفخم من الطابق 26من برج ترامب في نيويورك ، ومن برامج التلفزيون الواقعي الى الواقع الخطر ، في اطار المضحك المبكي ، المثير للدهشة ، في داخل اميركا وخارجها ، بسبب التقلّب في مزاجه والتسارع في تغيير قراراته ، لدرجة الجدية وعدمها في وقت واحد ، لذلك من حق الأعلامي الساخر ستيفن كولبير أن يهنيء الشعب الأميركي بعبور 100أول يوم من عهد ترامب بالسلامة ، والله يستر من ال 100 يوم التالية.. !!

الرأي 2017-05-01