وزير الداخلية كلام كبير ! ..

المدينة نيوز- خاص- كتب شحاده أبو بقر -: اجزم ان الانتخابات النيابية القادمة وسواء شئنا ام ابينا ، هي بالضرورة اهم انتخابات برلمانية في تاريخ الدولة الاردنية على الاطلاق ، وهذا واقع تفرضه خطورة المرحلة التي تجتازها المنطقة حاليا ، وتلك التي ستبدأ قريبا بكل ما تنطوي عليه من مخاطر وتهديدات ترتبط ببشاعة المشروع الصهيوني الرافض للسلام ، والمتحفز لفرض حلول تعيد ترتيب الاقليم كله وفق ما يخدم ذلك المشروع وحده دون سائر مصالح وحقوق دول وشعوب المنطقة كافة .
من هنا فان كل حكيم يرى وجاهة وصدقية ما ذهب اليه الاستاذ نايف القاضي وزير الداخلية من تأكيد على حتمية القناعة بان اول خطوط الدفاع عن جبهتنا الداخلية هو المشاركة وبفاعلية في الانتخابات لاختيار مجلس نواب قادر على تمثيل ارادة الاردنيين والدفاع عن مصالحهم .
هذا كلام كبير ينم عن ادراك كبير لخطورة القادم من ايام المنطقة والاقليم في مواجهة المشروع التوسعي الاستعماري الصهيوني الذي يسعى وبقوة وبراحة بال ايضا، نحو اجتثاث الحقوق الوطنية المشروعه ليس للشعب الفلسطيني الشقيق وحده وانما للشعب الاردني كذلك ، والهيمنة وبالكامل على كل فلسطين التاريخية الممتدة من البحر الى النهر ابتداء ، ثم الشروع في التوسع التدريجي شرقا وكلما سمحت بذلك الامكانات البشرية والمادية الصهيونية من جهة ،والظروف الدولية من جهة ثانية .
يثير الحيرة هذا الفتور العام في التعامل الشعبي مع الاستحقاق الانتخابي الوشيك ، فالناس منخرطون وبالكامل تقريبا في التعامل الاعتيادي مع الاستحقاقات الاخرى ذات الارتباط بلقمة العيش ورسوم الجامعات والمدارس ومتطلبات الحياة وغير ذلك من هموم يومهم ، والناس كذلك وبرغم تأكيدات الحكومة المستمرة على نزاهة الانتخابات وسلامة اجراءاتها، مصرون على التشكيك بذلك ، لا بل والناس وفوق ذلك كله ، يبدون كما لو كانوا على قناعة مطلقة بندرة وجود مرشح او مرشحين يستحقون تحمل جهد الذهاب الى مراكز الاقتراع لانتخابهم !.
بصراحه هذا حال غير عادي له مبرراته المنطقية من وجهة نظر البعض ، وغير المنطقية من وجهة نظر البعض الاخر ، والاردنيون عموما ومن سائر الاهتمامات والمشارب والاصول والمنابت ،باتوا يعرفون تماما من هم اولئك الذين يقدمون انفسهم مرشحين للانتخابات بهدف استخدام الدولة في خدمة الذات ومن هم اولئك الذين يقدمون انفسهم مرشحين بهدف خدمة الدولة ! ، فلم يعد منتظرا من هذا المرشح او ذاك ان يقول ما هي مبرراته للترشح ، فقد نضج المجتمع الاردني ولم يعد ممكنا ان تنطلي على نفر فيه أية ادعاءات من أي كان ، وحتى اولئك الذين انطلوا على الناس طويلا بانهم ( اصحاب مبادئ ) وذوو قيم سياسية غير قابلة للتصرف والتغير حسب المصلحة الخاصة، لم يعودوا ينطلون على ابسط مواطن .
نعم هذا حال غير عادي له مبرراته في جانب، وليست له أية مبررات في جانب اخر ، لكنه "وهكذا هي مصالح الاوطان والبلاد والعباد " لايمكن ان يكون سببا منطقيا في صدود الناس وعزوفهم عن المشاركة في الانتخابات ، والا فنحن كمن يقول ( اذهب انت وربك فقاتلا) ، في وقت ندرك فيه كل الادراك ان الطوفان الآتي لن يبقي ولن يذر ، ان لم يقف الجميع في مواجهته، عل ذلك يكون سببا في نجاة الجميع وسلامة الدولة والبلد وصد مخططات الاحتلال ومشروعات الصهاينه ، والتي تاخذ طريقها وبقوة وسط تراخ وتخاذل عربي واسلامي شامل ،وتردد وصدود دولي شامل كذلك !.
ادرك مبررات المقاطعين وبالذات الاسلاميون الاجلاء ، لكنني ادرك في المقابل ان مجلس نواب جديد سيفرز يوم العاشر من الشهر القادم ، ولهذا فانا ادعو صادقا باذن الله لان يدرك الجميع حساسية الظروف وخطورة المراحل الوشيكة واستحقاقاتها وترتيباتها المرعبة ربما ، مثلما ادعو لانتخاب كل مرشح نزيه صادق قادر على تمثيل الناس وخدمة مصالحهم والدفاع عن سلامة جبهتنا الداخلية ، وليس هذا بالامر الصعب ابدا ، اما ان يذهب بنا قطار الانتخابات نحو ما يسمى بالمال السياسي ونحو من يصفون انفسهم باصحاب المبادئ وما هم بكذلك ابدا ، ونحو الاقارب على علاتهم ، فذلك هو الامر الاكثر خطورة من مخططات الاعداء كلها !، فلم يعد هناك بد من ان نعمل جميعا على رفع سوية ومستوى القائمين على سلطات الدولة كافة ،باختيار الاكفياء المخلصين النزيهين الذين يخدمون الدولة ولا يستخدمونها ، ويتفانون في السهر على مصالح الناس لا على مصالحهم !.
ابدع وزير الداخلية في تصريحه المعبر ، ومطلوب كلام اكثر من هذا الكلام المعبر الصادق الذي يستفز مشاعر الاردنيين جميعا ومن سائر الاصول والمنابت والاطياف ،للتصدي لواجباتهم في الدفاع عن وجودهم وعن حاضرهم ومستقبل وطنهم واولادهم ،ومواجهة كل المخططات العادية ، فهذا هو السبيل الوحيد الاقوى لرد العدو والعاديات وتحقيق الطموح واحقاق الحق ،وما عبر عنه وزير الداخلية من كلام صادر عن ضمير حي يحس بعمق المسؤولية وخطورة المرحلة ، يجب ان يشكل محطة يتوقف عندها طويلا كل اردني وكل اردنية أيا كان أصله وفصله ، لاستخلاص العبرة وادراك الظرف وتقدير الموقف ، والذهاب بالتالي طوعا وبرغبة الى صناديق الاقتراع واختيار من يستحقون فعلا ان يكونوا نوابنا المعبرين عن ارادتنا في مواجهة ظروف وتطورات لست أشك للحظة بأنها ستكون مرعبة حقا، إن لم نتحوط لها بما تستحق من استعداد ، والله من وراء القصد .