طيءّ .. وأسطورة «أجأ وسلمى»

تم نشره السبت 02nd تشرين الأوّل / أكتوبر 2010 05:46 صباحاً
طيءّ .. وأسطورة «أجأ وسلمى»
راكان المجالي

المدينة نيوز - كتب : راكان المجالي - في الحقائق الجغرافية ، أنّ \"أجأ وسلمى\" هما جبلان بأرض الحجاز ، وبها مسكن قبيلة طيء التاريخي وقراهم. وهو موضع \"نزه كثير المياه والشجر\" ، كما يقول القزويني في كتابه \"آثار البلاد واخبارالعباد\".

أما في الإخباريات العربية ، فقصة الجبلين تُروى على نحو إسطوري. فقد قيل: أجأ اسم رجل ، وسلمى إسم امرأة ، حيث كانا يألفان عند امرأة اسمها \"معروجا\". فعرف زوج سلمى بحالهما ، فهربا منه ، فذهب خلفهما ، وقتل سلمى على جبل سلمى ، وأجأ على جبل أجأ ، ومعروجا على معروجا ، فسميت المواضع بهم. وقال الكلبي: كان على أجأ أنف أحمر ، كأنه تمثال إنسان ، يسمونه \"فلساً\" ، وكانت قبيلة طيء تعبده إلى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما جاء الإسلام ، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب ، في مئة وخمسين من الأنصار ، فكسروا \"فلساً\" ، وهدموا بيته ، وأسروا بنت حاتم.

ويُنسب إلى الى قبيلة طيء أبو تمام حبيب بن أوس الطائي ، الشاعر الفذّ ، الذي فاق على كل من كان بعده ، بفصاحة اللفظ وجزالة المعنى. وقيل إنه أنشد قصيدته في مدح المعتصم:

ما في وقوفك ساعةً من باسً

تقضي ذمام الأربع الدّرّاسً

فلما انتهى إلى المديح ، قال:

إقدامُ عمروْ في سماحةً حاتمْ

في حلمً أحنفَ في ذكاءً إياسً

فقال بعض الحاضرين: مه، من هؤلاء حتى تشبه الخليفة بهم ؟، فأطرق أبو تمام هنيةً ، ثم رفع رأسه ، وقال:

لا تنكروا ضربي له من دونه

مثلاً شروداً في النّدى والباس

فالله قد ضرب الأقلّ لنوره

مثلاً من المشكاة والنّبراس

وحكى البحتري: أنه دخل على بعض الولاة ، ومدحه بقصيدة قرأها عليه ، فلما أتمّها ، قال رجل من الحاضرين: يا هذا أما تستحي ، تأتي بشعري وتنشده بحضوري ، فقال: تعني أن هذه القصيدة لك؟ قال: خذها، وجعل يعيدها إلى آخرها. وقال: فبقيت لا أرى بعيني شيئاً ، وإسودَّ وجهي ، فقمت حتى أخرج ، فلما شاهد مني تلك الحالة ، قام وعانقني ، وقال: الشعر لك ، وأنت أمير الشعراء بعدي، فسألت عنه ، فقالوا: هو أبو تمام الطائي.

وينسب إليها أيضاً حاتم الطائي ، وكان جواداً شاعراً شجاعاً ، إذا قاتل غلب ، وإذا غنم نهب ، وإذا سئل وهب. وكان أقسم بالله ، ألا يقتل واحد أمه ، وكان يقول لعبده يسار ،

إذا اشتدّ كلب الشتاء: أوقد ، فإنّ اللّيل ليلّ قرّّ ، والرّيح يا واقد ريحّ صرّ ، عسى يرى نارك من يمرّ ، إن جاءنا ضيفّ فأنت حرّ. وقالوا: لم يكن يمسك إلا فرسه وسلاحه.

وحكي: أنه اجتاز في سفره على عترة ، فرأى فيهم أسيراً ، فاستغاث بحاتم ، فإشتراه من العتريين ، وقام مقامه في القد ، حتى أدى فكاكه.

ومن العجب ، ما ذُكر: أن قوماً نزلوا عند قبر حاتم ، وباتوا هناك ، وفيهم رجل يقال له أبو الخيبري ، يقول طول ليله: يا حفر إقر أضيافك، فقيل له: مهلاً ما تُكلّم من رمّة بالية، فقال: إن طيئاً يزعم أنه لم ينزل به أحد إلا قراه، فلما نام رأى في نومه كأن حاتماً جاء ونحر راحلته ، فلما أصبح جعل يصيح: وا راحلتاه، فقال أصحابه: ما شأنها ؟ قال: عقرها حاتم بسيفه والله ، وأنا أنظر إليها حتى عقرها، فقالوا: لقد قراك، فظلوا يأكلونها وأردفوه ، فاستقبلهم في اليوم الثاني راكب قارن جملاً ، فإذا هو عدي بن حاتم ، فقال: أيكم أبو الخيبري؟ قالوا: هذا. فقال: إن أبي جاءني في النوم ، وذكر شتمك إياه ، وأنه قد قرى براحلتك أصحابك ، وقال في ذلك أبياتاً ، وهي هذه:

أبا الخيبريّ وأنت امرؤ حسود العشيرة شامها

لماذا عمدت إلى رمّةْ بدوّيّةْ صخبْ هامها

تبغي أذاها وإعسارها وحولك غوثّ وأنعامها

وإنّا لنطعم أضيافنا من الكوم بالسّيف نعتامها

وأمرني ببعير لك ، فدونكه، فأخذه وركبه وذهب مع أصحابه.

لم تُدرس بعدُ ، في الثقافة العربية ، أسطورة اسم الجبلين وتلازمهما معاً كما ينبغي. غير أن الإسم يحضر في أكثر مًن أسطورة ، وفي أزمنة أسطورية متباعدة. ومًن الواضح أن تلك الأسطورة ترتبط بالصنم \"فلس\" وطقوس عبادته البائدة ، وهو الذي وصفه المؤرخ الكلبي بإقتضاب. ( الدستور )


 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات