فيما إذا بقينا "خارج اللعبة"!

المدينة نيوز - كتب : محمد ابورمان - تبذل الإدارة الأميركية جهوداً جبّارة لإنقاذ المفاوضات المباشرة بعد إصرار نتنياهو على رفض تجديد تجميد بناء المستوطنات، وسيتضح الموقف الفلسطيني (والعربي) على الأغلب خلال الساعات المقبلة، فيما تشير تسريبات الصحافة العبرية إلى ضمانات أميركية (مشروطة بالاستمرار بالتفاوض) لكل من عباس ونتنياهو.
كل ما تحرص عليه الإدارة الأميركية في اللحظة الراهنة هو الخروج من "عنق الزجاجة". أردنيا، فإنّ كلا الاحتمالين (استمرار المفاوضات أو توقفها)، يفرضان علينا التفكير بصورة مختلفة جذريا عن حساباتنا الحالية تجاه القضية الفلسطينية، وتحديداً الضفة الغربية.
الأردن وضع سياساته الحالية تجاه الفلسطينيين على قاعدة "الانفصال"، ورفض القيام بأي دور في الضفة الغربية يوحي بتصفيتها على حساب الأردن. هذا الموقف لا غبار عليه، ابتداءً، لكنه يختزل تعريف "الخيار الأردني" في سياق الضغوط (المحتملة) الأميركية والإسرائيلية، وكأنّها المربع الوحيد الذي يمكن تأسيس دورنا مع الفلسطينيين من خلاله!
في كتابه "عملية السلام من الاختراق إلى الانهيار" (باللغة الانجليزية) يقدّم الدبلوماسي الفلسطيني، عفيف صافية، تعريفاً دقيقاً ومفصّلاً لستة خيارات (أدوار) أردنية مطروحة في الضفة الغربية متضاربة، وليس لسيناريو واحد فقط. فنحن أمام "دورٍ ما حتمي" تفرضه الجغرافيا والديمغرافيا، لا بد منه، إما أن نضع نحن إحداثياته بما يخدم أمننا ومصالحنا أو نتركه للآخرين ولتطور الأحداث.
الملاحظة الجوهرية هنا أنّنا لا نستطيع الاستمرار في بناء سياستنا تجاه القضية الفلسطينية على قاعدة الابتعاد و"الدعم السياسي الأخوي" (وكفى الله المؤمنين القتال!)، إذ إنّ التداخل الاجتماعي والسياسي والاعتبارات الأمنية والامتداد الاستراتيجي، كل ذلك يُحتّم دخولاً أردنيا أكبر على المشهد الفلسطيني والاشتباك مع اللاعبين المختلفين، والمساهمة في صوغ المعادلة هناك بما يخدم المصالح المشتركة، ويرسّم العلاقات المستقبلية المشتركة والمتبادلة بصيغة متماسكة أكثر وضوحاً وصراحةً وجرأة.
وعلى النقيض مما يُسرُّ به إلينا مسؤولونا بأنّنا نمتلك قاعدة صلبة من العلاقات والنفوذ في الضفة الغربية، يؤكد من نعرفهم من المطّلعين في الضفة الغربية وغزة بأنّ هنالك غياباً أردنياً كاملاً على الصعيد السياسي، في وقت تزيد أغلب الدول المعنية (مصر، إسرائيل، سورية، إيران) علاقاتها ونفوذها داخل الأوساط الفلسطينية المختلفة.
حماية المصالح الأردنية وأمننا الوطني لا تقوم على "عدم التدخل" في الشأن الفلسطيني، بل على النقيض من ذلك باستخدام كافة مساحات النفوذ والاشتباك والتواصل داخل "الساحة الفلسطينية"، وإلاّ فإنّنا سنكون الخاسر الأكبر، ولن تكون "مخرجات" التفاوض، نجاحاً أو فشلاً، لصالحنا، إذا لم نشارك في المدخلات نفسها، وبقينا خارج "اللعبة".
لايجوز الانتظار والمراقبة، فَلَنا دور واسع مطلوب في ملف المصالحة الفلسطينية، والقوة الناعمة في الضفة الغربية، والمساهمة في بناء الموقف الفلسطيني في المفاوضات. (الغد)