مؤسستا "شومان" و"الفكر العربي" تبحثان المتغيرات العالمية ومفهوم السلطة وآليّات عملها في ندوة مشتركة

تم نشره الثلاثاء 16 أيّار / مايو 2017 01:04 مساءً
مؤسستا "شومان" و"الفكر العربي" تبحثان المتغيرات العالمية ومفهوم السلطة وآليّات عملها في ندوة مشتركة
مؤسسة شومان

المدينة نيوز :- ناقش أكاديميون وباحثون المؤثرات المختلفة التي باتت تحكم علاقات الشعوب والبلدان ببعضها بعضا، وتأثيرات التغيرات الجديدة في السياسة والصناعة والاتصال على عموم تلك العلاقات، وأثر ذلك على السلطة السياسية في مفهوم الدولة.

واستعرض المشاركون في الندوة المشتركة التي عقدتها مؤسسة عبد الحميد شومان بالتعاون مع مؤسسة الفكر العربي في بيروت، واستضافها منتدى شومان أمس، ما اشتمل عليه كتاب "من يحكم العالم؟"، من إشراف برتران بادي ودومينيك فال، وترجمة نصير مروة، الذي صدر مؤخرا عن مؤسسة الفكر العربي، ضمن سلسلة "حضارة واحدة: أوضاع العالَم 2017".

وشارك في الندوة النقاشية من لبنان المدير العام لمؤسسة الفكر العربي الدكتور هنري العويط، ومن الأردن أستاذ علم الاجتماع الدكتور إبراهيم عثمان، والدكتور إبراهيم غرايبة والباحث معاذ بني عامر، فيما قدم الندوة وأدار الحوار مع الجمهور وزير التربية الأسبق الدكتور إبراهيم بدران.

العويط، وفي كلمته الافتتاحية في الندوة، أكد أن الكتاب "يمثّل وجهاً من الأوجه المتعدّدة والمنوّعة التي تتجسّد فيها الرسالةُ التنويريّة التي اضطلعت بها مؤسّسةُ الفكر العربيّ ولفت إلى أن المؤسسة تسعى جاهدةً من خلال إصداراتها وفعالياتها المختلفة، إلى الإضاءةِ على القضايا الكبرى التي تهمّ العرب في مختلفِ المجالاتِ التربويّةِ والثقافيّةِ والاقتصاديّةِ والسياسيّةِ والمجتمعيّة، وإلى إثارةِ الوعي والتحفيزِ على التبصّرِ في تحدّياتها ومآلاتها، والبحثِ عن سُبُل مواجهتها، والمساهمةِ في إيجادِ الحلولِ الملائمة لها.

وبين أن الكتاب الذي صدر ضمن "حضارة واحدة" للترجمة، وهو البرنامج الذي أطلقه سموِّ الأمير خالد الفيصل رئيسُ المؤسّسة في العام 2008، "وجاء تفعيلاً لرسالةِ المؤسّسةِ الهادفةِ من جهةٍ أولى، إلى ترسيخِ الهويّةِ العربيّةِ الجامعة، وإبرازِ معالمِ الثقافةِ العربيّة، وإلى الانفتاحِ، من جهةٍ ثانية، على ثقافاتِ العالم الأخرى، إيماناً بأنّ الحضارةَ الإنسانيّة هي في جوهرها واحدة، يُسهم في بنائها شعوبٌ وأممٌ مختلفة، وهي ثمرةُ حوارها المتواصل، وتفاعلها المتبادَل، وتلاقحها الخلّاق".

وأكد العويط أن المتغيرات شكّلت أرضيّةً مؤاتية لبروز مجموعةٍ كبيرة من الأطراف واللّاعبين غير الحكوميّين؛ فبموازاة الوَهَن الذي أصاب سيادةَ الدول وسلطانَها، تعاظمت قوّةُ اللاعبين العابرين للحدود، الذين لا يأتمرون غالباً إلّا بما تمليه عليهم خياراتُهم ومصالحُهم الذاتيّة، مبينا أنه إذا "كنّا على بيّنةٍ ممّا تمتلكه المنظّمات الدوليّة من قدرةٍ على التدخّل في المجال السياسيّ، والعسكريّ، والقانونيّ، فإنّنا أقلُّ معرفةً بتأثير الشركاتِ المتعدّدة الجنسيّات، والمنظّماتِ غير الحكوميّة، والجالياتِ ولوبياتها، والأحزابِ، والمؤسّساتِ الدينيّة، ووسائلِ الإعلام، وتجّارِ الأسلحة، والهيئاتِ الثقافيّة، والشبكاتِ المختلفة".

وشدد على أن القوّةَ الصلبة التي تمتلكها الجيوشُ النظاميّة لم تعد وحدَها في الساحة، بعد أن تعدّدت أنماطُ القوى الناعمة التي يمتلكها اللاعبون الجُدد على الساحة الدوليّة.

وختم العويط بالإشارة إلى أن الكتاب أعطى جواباً حاسماً يعكس أوضاعَ العالم الراهنةَ بأمانةٍ وموضوعيّة: ما تزال الدول لاعباً أساسيّاً على صعيد العلاقات الدوليّة، ولكنّها لم تعد تستأثر وحدَها بحكم العالم وتتحكّم بمصير شعوبه".

أستاذ علم الاجتماع الدكتور إبراهيم عثمان، أشار إلى أن التاريخ شهد منذ القدم محاولات ترسيخ سلطة الجماعة، لضمان استمرارها، ودعم شرعيتها، كما عرف تاريخيا بقدسية الأسلاف، أو تعزيز السلطة الجماعية بالاحتفال بذكرى الأبطال والشهداء والوقائع المشتركة.

وربط عثمان الأديان بالعولمة من باب قدرتها على "تكوين شبكات وجماعات وطوائف تخترق الحدود القومية، وتتعدى منطق السيادة. كما يتثاقف الدين والعولمة، خصوصا الآن من خلال وسائل الاتصال، في التعبئة والتجنيد"، بيد أنه أشار إلى أن "الانتماءات الدينية تتناقض مع العولمة في تحديد الهوية بين الخاص والمعولم. وقد اثبتت التجارب أن الدين يفقد قيمته عندما يكون في السلطة، فلا يعود ملاذاً للمحبطين، ومأوى لمن خاب أملهم في النظام المسيطر".

وأكد أن الدولة ظلت النظام المسيطر، حتى بدأت هذه السيطرة تختل وتضعف، خصوصا في النصف الثاني من القرن العشرين، بسبب وجود الاثنيات المتعددة، وعولمة النشاطات الاقتصادية والمالية، والدمج الإقليمي، وظهور المنظمات فوق القومية، وفعاليات ومنظمات عابرة للقوميات، ما أدى إلى انسحاب الدولة تدريجياً من المشهد الدولي لمصلحة المنظمات الما فوق قومية.

وحدد عثمان أطرافا عديدة تهدد سطلة الدولة اليوم، كالشركات المتعددة الجنسيات والعابرة للحدود، كشركات المال والصناعة النفطية والسيارات والطاقة والاتصال، ومؤسسات الشبكة العنكبوتية وشركاتها، غوغل وابل وفيسبوك وأمازون.

بدوره، بين الدكتور إبراهيم غرايبة أن الكتاب، وبرغم أنه يتخذ طابعا عالميا في الرؤية والتحليل، فإنه يظل يعكس تفكير النخبة الفكرية الفرنسية ورؤيتها للعالم، لافتا إلى أن الكتاب يؤشر إلى خمسة معالم من معالم النظام العالمي: التقاليد السائدة والمتبعة،والقدسي والديني، والدولة، والاقتصاد، والعولمة.

وقال غرايبة إن السلطة اليوم تسير أو تتشكل "وفق مدخلات جديدة إلى جانب القسر والهيمنة، مثل القوة الناعمة والقوة الذكية"، كما أنها تتشارك مع الفضاء العالمي، والتعامل الواقعي مع صعود الفرد وقدرته على التحرر من قسر الدولة وفرصه الجديدة في العمل والتواصل وتخطي الهيمنة والرقابة.

وأكد أنه، وبرغم أن الدولة الحديثة التي تشكلت مصاحبة للثورة الصناعية بدت ثورة على هيمنة العائلات والسلالات الحاكمة والمؤثرة، "فقد ظلت الروابط القرابية والعائلية مؤثرة في الحكم في أنحاء كثيرة في العالم، كما ظلت أيضا مؤثرة في عالم المجتمعات والتجارة مرجحا أنها مرشحة لمواصلة وتجديد تأثيرها في فضاء الشبكية والعولمة، وهو الأمر ينطبق على الدين الذي ظل يقود مسيرة العالم على مدى القرون.

وبين غرايبة أن المؤسسات الدينية تبدلت كثيرا، "وتغير دورها، وانحسر في مجالات كثيرة، وأتاحت الشبكة المجال واسعا للجماعات والأفراد المشاركة الدينية متخطية القيادات والمؤسسات والقيادات الدينية التقليدية، وصارت الشبكات الدينية أداة احتجاج ومناهضة أكثر مما هي أداة تنظيم للمجتمعات والأفراد وهيمنة عليها"، ما طرح بقوة أكبر سؤال علاقة الدين والسياسة.

ولفت إلى صعود "القوة الناعمة" كأداة مؤثرة تستخدمها الدول الكبرى والمؤثرة كما بعض الشركات لبناء التعاون والنفوذ والعلاقات، والعمل على اكتساب الدول والمجتمعات باتجاه مصالحها ومواقفها.

وقال غرايبة أن الشبكة العالمية تأخذ مكانة مهمة وواسعة في التأثير والعمل فإلى جانب الشركات والمنظمات الدولية تنهض شبكات أخرى دبلوماسية واجتماعية وإعلامية وإغاثية وفكرية وطبية، كما تتشكل أيضا مفاهيم وثقافة عالمية مثل قضايا حقوق الإنسان والبيئة والمرأة والتغير المناخي، ويقابلها أيضا شبكات الإرهاب والمافيات والمخدرات والجريمة.

وأكد أن منطقة الشرق الأوسط تشكل حالة صارخة من الشواهد على تطبيقات العولمة ومتوالياتها وتحولاتها، فبعد الربيع العربي الذي عصف بالدول والمجتمعات، صار الشرق الأوسط مسرحا للتأثير الخارجي الإقليمي (تركيا وإيران) والعالمي، وتحولت المنطقة إلى ساحة من الصراعات المدمرة والمنسية.

وفي مداخلته في الندوة، اوضح الباحث معاذ بني عامر أن الكتاب يأخذ بعداً يكاد يكون شاملاً لمجمل العلاقات الإنسانية مبينا ان ثمة مراتب لبؤر صغيرة تُساهم في حُكم العالَم، أو في حُكم عوالمها بالأحرى، كل من زاويته ومنطقته".

ولفت إلى أن "الصيغة الاستفسارية عمَّن يحكم العالَم هي صيغة مُتعدّدة الإجابات، نظراً لانطواء الحركة الدؤوبة للبشر على مساحات شاسعة من التحكّم، سواء أأخذ هذا التحكّم صيغاً صُغرى كما هو الحال في الأسرة أو القبيلة او أخذ صيغاً كبرى كما هو الحال بالنسبة للشركات العابرة للقارات أو الولايات المتحدة الاميركية".

وكان د. إبراهيم بدران قدم مداخلة في بداية الندوة، تلخيصا لأهم ما اشتمل عليه الكتاب من طروحات وقضايا، لافتا إلى أن الكتاب بين أن العولمة نوعت أدوات السيطرة ومواضع الغلبة ومداها، وعرض أهمية الشركات متعددة الجنسيات ونفوذها السياسي والاقتصادي الناتج عن العولمة وعدم التكافؤ الاقتصادي وما يرافق ذلك من تعزيز الاتصالات وخاصة الشبكة العنكبوتية (الانترنت) وخوادمها.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات