كلفة خفض العجز في الموازنة

في المؤشرات الدولية، تريد للدولة التي تنتمي إليها أن تكون في المقدمة، أما إذا كان المؤشر سلبياً ، فأنت تريد لدولتك أن تقبع سعيدة في آخر القائمة.
وبموجب ترتيب الدول الذي نشرته الجهات الرسمية بالولايات المتحدة، فقد حقق الأردن الترتيب الحادي والتسعين من بين (120) دولة عام 2009 في مقياس التضخم.
وبموجب هذه الدوائر فقد بلغ معدل الارتفاع في تكاليف المعيشة للمستهلكين في الأردن 1,9 % . وهذا يعتبر أمراً جيداً الى حد ما، رغم أنه يعكس حالة من البرود الاقتصادي.
أما هذا العام، فإن معدل الارتفاع في الأسعار قد تجاوز حتى نهاية شهر آب نسبة 4,8 %، بموجب الأرقام الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة، والمنشورة في النشرة الاحصائية الشهرية للبنك المركزي. ولم يصدر ترتيب للدول عن عام 2010. ولكن المرجح أن ترتيب الأردن قد تغير، ولربما وصل الـ 50 من بين 120 دولة.
ولم يعكس هذا الارتفاع في الأسعار تحسناً في معدلات النمو الحقيقي في الناتج المحلي الإجمالي، والذي لم يزد خلال النصف الأول على 2.7 % في أحسن الأحوال. وبسبب أن النمو النقدي قد سجل نسبة تفوق 7.5 %، فقد تحسنت واردات الحكومة. فالسلعة التي يرتفع سعرها عن دينار الى دينار وخمسين فلساً ترفع ايرادات الحكومة من ضريبة المبيعات على هذه السلعة.
إن المؤشرات الاقتصادية العامة تعكس حالة متناقضة. وإذا كانت العين راضية عن الحكومة مثل عين الدكتور فهد الفانك فهي ترى أن نسبة البطالة في تحسن، أما إذا كانت العين غير راضية فإنها تظهر السيئات.
ولكن الحقيقة الموضوعية التي تبقى هي أن الاقتصاد خلال هذا العام لم يحقق أي تحسن يمكن أن يعكس حالة مطمئنة على الإطلاق. فالبنك المركزي يقول أن لديه فائضا من ودائع البنوك بقيمة 3,6 بليون دينار. وهذا أمر جيد لولا أن السوق عطشى لها. ويقول لنا معالي وزير المالية إن العجز قد انخفض بنسبة 43 % بعد زيادة المساعدات، وهو بذلك يعني العجز بعد احتساب المساعدات وليس من دونها.
إذن فالاقتصاد قد حل لنا مشكلة الموازنة حسب ما يقوله المسؤولون، وحلَّ لنا مشكلة الاحتياطات لدى البنك المركزي. ولكنه لم يحل مشاكل البطالة، أو الفقر، أو تراجع الاستثمار الخارجي، أو مشاكل المديونية لدى الشركات.
إن للحكومة ثلاث وظائف مالية. الأولى هي الإنفاق على نفسها وعلى العاملين فيها، والثانية هي إحقاق التوازن والنمو المتوازن في المجتمع، والثالثة الإنفاق على المشاريع التنموية والرأسمالية.
يجب أن نهنئ الحكومة أنها بمزيد من المديونية، وبهبوط الدولار، وبتعويم أسعار النفط ومشتقاته، وبارتفاع تكاليف المعيشة قد حلت مشكلتها؛ ولكن دوريها الآخرين وهما التنمية والتوازن لم يتحققا.
يجب أن نعترف أن حل مشكلة الحكومة يوفر مناخاً أفضل للنمو والنماء، ولكن خشيتي أن حل مشكلة الحكومة هذا العام سوف يورثنا مشاكل أكبر في الأعوام المقبلة.
ملاحظة : ورد اسم الكاتبة المبدعة في مقالة يوم الأحد الماضي على أنه نُهى عبد القادر مبيضين، والصحيح هو مَهى عبد القادر مبيضين. فالمعذرة. (الغد)