تطـور الموازنـة بين سـنتين

المقارنة بين الأداء المالي للموازنة العامة في الشـهور الثمانية الأولى من سنتي 2009 و2010 تعطي نتائج ملفتة للنظر ، وتكاد تكـون متقابلـة أو متضادة بحيث يحسـن ضم السنتين معاً.
في سنة 2009 كان الوضع المالـي جيداً لـولا أن المساعدات الخارجية انخفضت بشكل حاد والنفقـات الرأسمالية ارتفعت إلى مستوى غير مسبوق. وفي سنة 2010 كان الوضع صعباً لولا أن المساعدات الخارجية ارتفعت فوق التقديرات المتحفظة والنفقات الرأسـمالية انخفضت بشكل حاد.
الفـرق بين الإنجاز المالي في الموازنتين يتركز في الجوانب الثانوية أي المنح الأجنبية والنفقات الرأسمالية ، وليس في الأساسيات وهي الإيرادات المحلية والنفقـات الجارية.
والواقع أن الإيـرادات المحلية هذه السنة لم ترتفـع عما كانت عليه في نفس الفترة من السـنة السابقة سـوى بنسبة 9ر1% ، في حين سمح للنفقات الجارية بأن ترتفع بنسبة 2ر5% ، أي أن المجهود المالي الحقيقي في هذا المجال لم يسجل إنجازاً يستحق الذكر.
الترشيد الذي حصل هـذه السنة تركز في جانب النفقات الرأسمالية ، أي عن طريق إلغاء أو تأجيل بعض المشاريع الرأسمالية ، في حين أن المطلوب ترشيد الإنفاق الجاري ، وعدم السـماح له بالارتفاع فوق المستوى المرتفع الذي تحقق في السنة السابقة.
من الطبيعي والحالة هذه أن يتحدث وزير المالية عن الإيرادات (العامة) ليسـتفيد من زيادة المنح الأجنبية ، وأن يتحدث عن النفقـات (العامة) ليستفيد من تخفيض النفقات الرأسمالية ، ولكن تحليل مكونات الإيرادات والنفقات يكشف عن أن هناك الكثير مما كنا نتمناه ولم يحدث ، لدرجة أن نسبة تغطية النفقات الجارية من الإيرادات المحلية وهي مقياس الاكتفـاء الذاتي ، انخفضت بمقدار ثلاث نقاط مئوية في خطوة تراجعية من 2ر98% في الشـهور الثمانية الأولى من سنة 2009 إلى 2ر95% في نفس الفترة من هذه السنة.
في مشروع موازنة 2011 يجب أن لا تقل تغطية النفقـات الجارية من الإيرادات المحلية عن 100% ، وهي نسبة سبق أن تحققت قبل سنوات ، وتحقيقها الآن يتطلب عدم السماح للنفقات الجارية بالارتفاع بأسرع من نسبة نمو الإيرادات المحلية.
مطلوب سـيناريو مدروس لموازنات ثلاث إلى خمس سنوات قادمة حتى يتضح الاتجاه ويسهل تقييم الأداء.
(الراي)