روحاني وفرصة الإصلاحيين التاريخية

تم نشره الأحد 21st أيّار / مايو 2017 01:08 صباحاً
روحاني وفرصة الإصلاحيين التاريخية
حازم عياد

الاصلاحيون في ايران باتوا امام فرصة تاريخية لتدعيم معسكرهم وفرض اجندتهم في ظل التحديات الاقليمية والداخلية التي تواجهها ايران حالهم كحال الاتراك والفرنسيين من قبل والذين تحدثوا عن تحولات وتحديات تاريخية لا تقل اهمية عن التي تواجهها ايران؛ فالانتخابات الرئاســــــية اعطت مؤشرا على المزاج الايراني المتغير ووفرت الفرصة للاصلاحيين لعرض اجندتهم في ظل التحديات التي تواجهها ايران؛ فهل ينجح روحاني باستثمار الفرصة التاريخية بفرض هذه الاجندة ام ان الفشل سيكون حليفة؟
حسن روحاني وعد في حملته الانتخابية برفع الاقامة الجبرية عن الزعيم الاصلاحي «مير موسوي» في حال فوزه بأكثر من 60% من الاصوات الناخبين مستنفرا بذلك القوى الاصلاحية والمجتمعية، مبررا ضعف ادائه الداخلي بالاستقاطاب الكبير في الانتخابات الايرانية السابقة التي فاز فيها بـ 51% من الاصوات؛ ما اعاق قدرته على اجراء تغييرات داخلية كبيرة. في المقابل فإن فوزه بـ 57% من اصوات الناخبين الايرانيين مساأة ستثير قدرا من القلق لدى المحافظين بتقديم قوة دفع لبرنامج روحاني المعلن في الحملات الانتخابية التي على رأسها تخفيف القيود على الزعامات الاصلاحية.
في كل الاحوال، فإن فوز روحاني اعطى دفعة قوية للتيار الاصلاحي ومثل خيبة امل للتيار المحافظ الذي انتقد وشكك بالاتفاق النووي الذي وقعته ايران قبل عامين من الان، الا ان السؤال ما زال مطروحا حول قدرة روحاني على متابعة سياسته الخارجية والايفاء بوعوده الداخلـــــــية التي انتقد فيها سيطرة قطاعات وشرائح تابعة للحرس الثوري على الاقتصاد الايراني، داعيا الى مزيد من الانفتاح؛ امر اتقن التعامل معه اثناء المناظرة الانتخابية مع «ابراهيم رئيسي» مرشح المحافظين قبل اسبوع من الانتخابات الرئاسية.
روحاني لم يتخط العوائق التي تقف في طريقة لتمرير برنامجه الاقتصادي والسياسي؛ فالحرس الثوري وسلطة خامنئي كمرشد للثورة ما زالت طاغية في ايران، والعوائق الناجمة عن التبدل في الموقف الامريكي في اعقاب فوز ترمب تهدد بشكل مباشر الاتفاق النووي الذي يعد احد اهم المنجزات الخارجية لروحاني، بل ان خطوط التماس والمواجهة بين مليشيا ايران في سوريا والعراق والولايات المتحدة تتقارب وتزداد سخونة وخطورة، فهل يستطيع روحاني تجاوز هذه التحديات وتبريد الجبهات المشتعلة في الاقلـــــــــيم وايران؟
اختيار روحاني يعكس رغبة الايرانيين في الاستثمار في الاتفاق النووي ليتحول الى نقطة الارتكاز الاساسية في السياسية الخارجية الايرانية التي يعتمدها روحاني؛ امر سيثير المزيد من الانقسام والتنافس بين الولايات المتحدة وحلفائها الاوروبيين؛ الى جانب مواجهة واشنطن لروسيا والصين الداعمتين الاتفاق؛ فروحاني يعتبر مهندس الاتفاق جاعلا منه اهم انجازاته والملاذ الآمن الممكن ان تتحصن فيه ايران لتجنب الأسوأ في علاقتها مع الولايات المتحدة الامريكية.
على الصعيد الداخلي، فإن روحاني مطالب بتحقيق نجاح اقتصادي ومواجهة المرحلة الانتقالية التي تترافق مع احتمال غياب خامنئي عن المشهد السياسي الناجم عن تدهور صحته؛ ما سيضعه امام اختبار صعب في مواجهة المحافظين والحرس الثوري خصوصا ان فوزه بنسبة 57% من الاصوات على «ابراهيم رئيسي» وهو واحد من اقوى الشخصيات في التيار المحافظ بل مرشح محتمل لمنصب المرشد تضعه في موقف متقدم في المواجهة؛ فانتصار روحاني يتجاوز حدود الزمن والملفات الساخنة التي ستتحول الى محل تصارع داخل ايران وخارحها.
فوز روحاني ليس مسألة عابرة؛ ففي حقبته الجديدة ستواجه ايران استحقاقات مهمة سترسم معالم الدولة وتحدد مسار جديد لسياساتها، ولا شك ان قبول المحافظين بروحاني كرئيس لمرحلة جديدة سيجعل منه احد الاشخاص الاقوياء في الدولة والاكثر قدرة على التأثير في مسار تطور سياساتها مستقبلا، عاكسا مزاجا متغيرا في ايران يبحث عن مخرج آمن من الازمات التي انخرطت فيها طوال السنوات السبع الماضية؛ فمخاوف التيار المحافظ لا تقتصر على الخوف من تحولات داخلية يمكن احتوائها وإنما من تحديات خارجية تتمثل بإدارة امريكية اكثر تصلبا في التعامل مع ايران بقيادة ترمب.
في كل كل الاحوال، فإن فـــــــــوز روحاني بمنصب الرئاسة للمرة الثانية سيبقي معسكر المحافظـــــــين بزعامة خامنئي مستنفرا خصوصا ان جل المــــــوارد تقع تحت سيطرة المحافظين، وفاعلية روحاني وقدراته ومهارته لن تتجلى ولن تتكشف الا بعد ان تطرح مسألة خلافة المرشد الاعلى على الايرانيين؛ ذلك ان ملف خلافة المرشد يترافق مع تجاذبات قوية في الساحة الاقليمية والداخلية في ايران، فهل سينجح روحاني في التعامل مع الفرصة التاريخية و المرحلة الانتقالية المتخيلة والمتوقعة في ايران؛ ام سيخذل القوى الدولية المتفائلة في الشارع الايراني المتعب؛ وهل سيفرض التيار المحافظ اجندته من جديد، مجهضا جهود الاصلاحيين ومتجاوزا عقدة روحاني والتيار الاصلاحي بتكريس دوره كأداة من ادوات السياسية الخارجية كانت وما زالت الاكثر فاعلية في رسم معالم السياسية الايرانية.

السبيل 2017-05-21



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات