الهويات الكيانية بضاعة من؟

ماذا لو عرفنا ان أكثر الهويات الكيانية مشروعية بالنظر الى صدامها الموضوعي مع العدو الصهيوني وهي الكيانية الفلسطينية, هوية ملتبسة, فكيف تكون الهويات أو الوطنيات الكيانية الأخرى أقصد الهويات التي تعلن صدامها جهاراً نهاراً مع مفهوم الأمة..
قد لا يعرف البعض ان الكيانية الفلسطينية اختراع من خارج الفلسطينيين تم تسويقه عليهم في إطار استحقاقات اقليمية ودولية متضاربة في أهدافها وأصولها.
ولم يقتصر هذا الاختراع على التنافس المصري - السوري - السعودي, منظمة التحرير الفلسطينية التي اخترعتها القاهرة الناصرية, مقابل حركة فتح ذلك ان محطات مهمة للغاية في تاريخ الكيانية الفلسطينية محطات مثيرة للاهتمام, فمن دعوة بيار الجميل, رئيس حزب الكتائب اللبنانية المعروفة الى انشاء كيان فلسطيني عام 1959 الى دعوة العاهل المغربي الراحل, الحسن الثاني في قمة الرباط العربية 1974 الى الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني وحقها في إقامة كيان فلسطيني وهي الدعوة التي تم تسويقها آنذاك كطلب من الدول التي شاركت في حرب تشرين 1973 "سورية ومصر".
وبالعودة الى جذور كل الهويات الكيانية العربية, ليس صعباً اكتشاف الأصابع اليهودية وقوى الاستعمار القديم والجديد التي أسست لهذه الاستراتيجية ضد الأمة بعد تلمسها مخاطر أول مشروع لبناء دولة السوق القومي على يد محمد علي باشا في مصر في القرن التاسع عشر ثم جمال عبدالناصر في القرن العشرين.
وسبق ان قلنا ان الكيانية وعناوينها البراقة "الوطنيات المحلية" ضد مفهوم الأمة ليست خطاباً ايديولوجياً أو سياسياً لهذا السياسي أو الكاتب الاقليمي الموتور المريض من نمط جعجع الذي لا يخفي برنامجه ويتقنع تارة بالوطنية وتارة بالعداء لاسرائيل, بل هي بنية اقتصادية - اجتماعية تغذيها التبعية وقوى السوق الطفيلية والبيروقراط الفاسد. وكان المفكر الراحل منيف الرزاز قد لخصها بقوله "كل دولة وهوية قطرية فاسدة وبوليسية وتخدم العدو بالضرورة ومحمولة دائماً بنخب انتهازية اقليمية مريضة".
وحينذاك وانطلاقاً من هذه البنية الاقتصادية - الاجتماعية التابعة الكيانية ترتكب كل الجرائم بحق الأمة من أوسلو الى اخواتها أياً كانت الأقنعة التي تخفيها... (العرب اليوم)