فقاعة ترمب عرضة للانفجار

لم تمنع الاستثمارات اليابانية المقدرة بـ 450 مليار دولار في البنية التحتية الامريكية، والموقع عليها في البيت الابيض كوريا الشمالية من تطوير ترسانتها من الاسلحة البالستية، والتي كان آخرها صاروخ مطور تم اختباره اثناء انعقاد القمة العربية الإسلامية الامريكية في الرياض.
ولم تنجح الوعود التي قدمها ترمب لطوكيو في وقف الاستفزازات التي تمارسها بيونغ يانغ بحق كوريا الجنوبية واليابان، رغم التهديد والوعيد لرئيسها والتي سرعان ما تحولت الى مغازلة لطيفة للرئيس الكوري الشمالي ودعوات ترمب للقائه.
من ناحية اخرى لم توقف ايران برنامجها لتطوير الصواريخ البالستية بعد تهديدات ترمب لها بمزيد من العقوبات والضربات في سوريا والتي فتحت الباب لتقارب تركي -ايراني.
ولم تتوقف الصواريخ عن السقوط على النقب في فلسطين المحتلة من سيناء رغم وعود ترمب للكيان الاسرائيلي بأن الصواريخ لن تطال الكيان في فترة رئاسته؛ اذ سقط آخر صاروخ على النقب اثناء إلقائه خطابه في مدينة القدس المحتلة.
لم يتمكن ترمب من تخليق تحالف حقيقي لمواجهة التحديات التي تواجهها المنطقة في ظل غياب رئيس الوزراء الباكستاني والتركي عن قمة الرياض؛ فتركيا مستاءة من دعم امريكا لوحدات حماية الشعب الكردي وتسليحها، والباكستان معنية بتطوير علاقاتها ببكين ومعالجة الملفات الساخنة في كابول، ولم تردع زيارته المنطقة داعش عن شن هجمات ارهابية اجرامية في مدينة مانشستر البريطانية.
ترمب تحول الى فقاعة سياسية ازدادت انتفاخا بعد جولته الى المنطقة العربية، وكلما انتفخت اصبحت عرضة اكثر للانفجار؛ ففي ظل وجود العديد من التحديات الحقيقية ابرزها واكثرها اهمية التحديات الداخلية في الولايات المتحدة الامريكية، فإن استعراضه في المنطقة تحول الى كابوس حقيقي استفز الكثيرين وعلى رأسهم الكونغرس والاعلام الامريكي.
فبعد رفض «فيلين» مستشار ترمب المستقيل تقديم وثائق طالبه بها الكونغرس الامريكي؛ لعرضها على لجان التحقيق المُشكلة، خرجت اصوات تدعو الى التعامل مع الموضوع من خلال التحقيقات الجنائية لتجاوز المخرج القانوني الذي يتيح لفلــــــين التهـــــــرب من الشهادة امام لجان الكونغرس، مضيفا دليلا جديـــــدا بحسب الصحافة الامريكية على تورط الادارة والحملة الانتخابية لترمب في العلاقة مع روسيا.
الازمة تفاقمت بتعيين المدير السابق لـ FBI ديفيد ميلر كمحقق مستقل لمتابعة علاقة حملة ترمب وادارته بموسكو؛ امر دفع البيت الابيض لتكفيل عدد من المحامين بإعداد مذكرات ومرافعات قانونية للرد على اي محاولة لعزل الرئيس ترمب من منصبه.
ازمة ترمب عميقة وفقاعته المنتفخة متوترة وعرضة للانفجار؛ اذ تحيط بها الاشواك من كل جهة؛ حقيقة عكستها الاخبار التي نشرتها صحيفة الواشنطن بوست اول امس عن حوار مثير دار بينه وبين نتنياهو اثناء انتظاره الطائرة العامودية التي ستقلهم الى القدس المحتلة.
فبدون ان يلاحظ الرجلان ان المايكروفونات غير مغلقة استمع الصحفيون لحوار شيق؛ اشادت فيه «سارة» زوجة نتنياهو بزوجة ترمب «ميلاني» معبرة مدى اعجابها بها، اتبعه حوار بين ترمب ونتنياهو قال فيه ترمب لنتيناهو انه مستاء من طريقة تعامل الاعلام الامريكي معه ومع زوجته.
استياء استفز الصحافة الامريكية؛ اذ جاء بصيغة المشتكي لنتنياهو؛ لتعلق صحيفة الواشنطن بوست على شكواه بالقول: علما بأن سارة زوجة نتنياهو تواجه ملاحقات قانونية نتيجة اتهامها باستخدام اموال الحكومة للانفاق على مشترياتها الباذخة؛ تلميح أرادت منه القول كلاكما مأزوم.
الحوار المشار اليه يحمل دلالات قوية على سيكولوجية ترمب ومخاوفه المتفاقمة من الملاحقات التي يتعرض لها هو وطاقم ادارته؛ فالنجاح الذي حققة بالرياض بتوقيع عقود تفوق 450 مليار دولار لم تمنع من استمرار الحملة القانونية والاعلامية على ادارته المترنحة، مهددة بانفجار فقاعة ترمب السياسية المنتفخة؛ ما يعني ان فقاعة ترمب كلما ازدادت انتفاخا اصبحت اكثر عرضة اكثر للانفجار بملامستها المناطق الخطرة؛  فكوابيس ترمب تنتظره بمجرد ان يضع قدمه على ارض المطار في واشنطن، وليس في المنطقة فقط.

السبيل 2017-05-24