بمثل ...!

تم نشره الخميس 25 أيّار / مايو 2017 03:39 مساءً
بمثل ...!
عبدالرحمن "محمدوليد" بدران

يرى فيها بحر المستقبل بتلاطم أمواجه وهدوء أعماقه، ذلك هو أحدنا عندما ينظر إلى عيون أولاده محاولاً إستقراء مستقبلهم في قادم الأيام، مع ما يدور في قلبه وعقله من دعوات وأمنيات أن تكون هذه الأيام مليئة بكل ماهو جميل، ويبقى دور هام لما نزرعه في هذه العيون والقلوب الصغيرة مما سيطرح ثماره أمامنا عندما تكبر ويصبح قرارها من عصارة فهمها للحياة.

إضربه وإكسر أنفه وإفقأ عينه، كلمات نسمعها أحياناً للأسف من بعض الآباء والأمهات لأولادهم عند تعرض أحدهم لأي محاولة إعتداء ولو كانت فاشلة، فنجد الأب أو الأم يكشرون عن أنيابهم ويطلبون من الابن أن يبادر بتكسير وتهشيم الولد الذي أمامه لأنه إعتدى عليه أو حتى فكر في الأمر، فتكون النتيجة معركة شرسة بين طفلين نجحنا في زرع العداوة والبغضاء والوحشية في رؤوسهم بدلاً من زرع البراءة والمحبة فيها، لنصنع وحوشاً جاهزة للانقضاض على فرائسها في المستقبل بدلاً من غرس مبادئ العفو والاعراض عن الجاهلين، وأن يكون نبي الهدى محمد صلى الله عليه وسلم قدوة لهم وهو الذي تعرض للأذى حتى سال دمه ورغم ذلك لم يقبل إلا الدعاء للمعتدين بالهداية، تماماً كحال كل الأنبياء والرسل عليهم السلام الذين سبقوه والذين كانوا بقدر زيادة الأذى لهم يزدادون محبة للعالم وحرصاً على هدايتهم للخير.


ولا يفسر أحداً هذه السطور دعوة للضعف والخنوع، بل على العكس فديننا لم يأمرنا يوماً إلا أن نكون أقوياء ولكن بالحق وليس بالاعتداء على الغير، فإن كنا نسعى لمحاربة الفساد في مجتمعاتنا ولا نريد أن نرى فاسداً يتطلع لأخذ حقه وحق غيره فيها والاعتداء على غيره ومحاوله تهميشه وتهشيم رأسه فلنحرص على أن نبدأ ذلك من أنفسنا بأولادنا غراس المستقبل بأن يكونوا غراس خير في مجتمعاتهم، وأن نعلمهم بأنهم إن كان لهم الحق في أخذ حقهم ممن إعتدى عليهم فعليهم هم قبل غيرهم أن يحرصوا أن يكون ذلك "بمثل" القدر الذي تعرضوا له لا يزيد ولا ينقص، ويتذكروا دائماً كيف أنه حتى نبي الرحمة محمد عليه الصلام والسلام عندما شاهد عمه حمزة بن عبدالمطلب مستشهداً وممثلاً به بعد معركة أحد وكان من أحب الناس إلى قلبه توعد أعداءه بأن يمثل بثلاثين منهم مثل ما فعلوا به وفي رواية بسبعين، فأنزل الله عليه الآية 126 من سورة النحل:{{وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين}} للتأكيد على أنه لا مكان للاعتداء والتجاوز في أخذ الحق ولا حتى للأنبياء عليهم الصلاة والسلام.


ولعلنا في هذه الأيام التي نستقبل فيها شهر الخير والبركات شهر رمضان المبارك الذي نسأل الله عزوجل أن يكون شهر خير وبركة على البشرية جمعاء، نتذكر أن ما سيرسم شخصية أولادنا في المستقبل ليس فقط العلوم والرياضيات واللغات بل وواحدة من أهم أساسيات الحياة التي علينا أن نعلمهم إياها، وهي أن من ضربك على يدك لا يحق لك أن تضربه على رأسه وتكسر له رقبته، بل تأخذ حقك ممن أخذه منك ولكن تذكر دائماً "بمثل" ما أخذ منك لا تزيد عليه قيد أنملة وبالقانون ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، فعندما نعلم أبنائنا "أجيال المستقبل" الالتزام بأخذ حقهم فقط من دون تجاوز أو إعتداء يمكن أن نكون معهم في المستقبل يداً واحدة تنبذ الفاسدين ممن يسعون لبلع غيرهم والاستئثار بكل شئ عنهم، وعندها سنساهم في تربية أجيال تتعلم الحق والعدل ومحاربة الفساد والظلم من نعومة أظافرها، ولن نترك مجالاً لأن نفاجأ بهم بين الفاسدين يوماً ما في المستقبل.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات