هل للبنوك المركزية دور إنمائي؟

في ظل الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، تعرضت البنوك المركزية للنقد الشديد لأنها نتيجة للتهاون سـمحت بوصول الأوضاع المصرفية إلى ما وصلت إليه مما أدى إلى وقوع الأزمة. إلا أنه عندما بـدأ النظر في مواجهة الأزمة وعلاجها، تمتعت البنـوك المركزية بسـمعة جيدة لأنها فتحت خزائنها وشـغلت مطابعها وغمرت الأسواق بالسيولة واستطاعت الوقوف في وجه الأزمة والحيلولة دون تحولهـا إلى انهيار كامل للنظام المصرفي والمالي في العالم.
بعد أن هـدأ الغبار أصبح دور البنوك المركزية في تحقيق أو حماية الانتعاش الاقتصادي واستئناف النمو محـل بحث، فهل لها دور؟ تقول الإيكونومست أن البنوك المركزية لها دور، ولكنها لوحدها لا تسـتطيع القيام بالمهمة، فهي بالنتيجة عامل مساعد، يسهم في الحل طالما أن عرض النقد وتوفـر الائتمان وأسـعار الفائدة لها تأثير قوي على تحفيز الاستثمار والاستهلاك.
يأتي التركيز على دور البنوك المركزية لأن دور الحكومات استنفد أغراضه، فلم تعد الحكومات راغبة أو قادرة على تخصيص المزيد من الأموال لتحفيز الاقتصاد، بل إن أكثـر حكومات العالم تأخـذ بسياسة تخفيض الإنفاق وتقليص العجز بشكل جراحي على ضوء تداعيات الأزمة الأوروبية وارتفاع المديونية إلى مستويات خطرة.
في حالتنا انتهى دور وزارة المالية في تحفيز الاقتصاد قبل أن يبـدأ، فالموازنة تشـكو من العجز، والبحث جـار عن كيفية تخفيض الإنفاق، وتقليص العجـز، والحد من المديونية.
البنك المركزي الأردني لم يدّع يوماً أن تحفيز الاقتصاد من أولوياته، فالأهم من وجهة نظـره الاستقرار المالي والنقدي وسـلامة الجهاز المصرفي، وثبات سعر الصرف، ومرونة أسـعار الفائدة. وهي شـروط توفر المناخ المناسـب للنمو الاقتصادي. البنك المركزي لا يمول مشاريع اقتصادية، ولكنه يجعل تمويلها أمراً ممكناً بشـروط مقبولة.
صندوق النقد الدولي قدّر أن التضخم هذه السنة سيكون في حدود 7ر5%، ولذلك اقترح العـودة على حالة التشـدد النقدي خوفاً من انفلات التضخم من عقاله. والواقع أن التضخم الذي حصل خلال الشهور الثمانية الأولى من هذه السنة ما زال في حدود 2% كمعدل سنوي بالمقارنة بما كان عليه في نهاية السنة السابقة، فما زلنا في مرحلة قريبة من الانكماش لا تبرر تشدد السياسة النقدية في الأجل القصير. (الراي)