تراجع الصناعة - كماً وسعراً

بعد سـنة صعبة شهدت آثار الأزمة المالية والاقتصادية العالمية هي سنة 2009، من الطبيعي أن تكون المؤشـرات المالية والاقتصادية في سنة 2010 إيجابية، فهي سـنة الانتعاش الاقتصادي واستئناف النمو.
بالفعل فإن معظم المؤشرات المالية والاقتصادية هذه السنة تعطي قراءات إيجابية عند مقارنتها بما كان عليه الحال في السنة الماضية، ينطبق ذلك على تقليص عجز الموازنة، وحركة تقديم التسـهيلات المصرفية، وارتفاع احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية ، ونمو المقبوضات السياحية، وزيادة حوالات المغتربين، ونمو الصادرات الوطنية، وانتعاش حركـة البناء والإنشاءات، وارتفاع حجـم التداول العقاري، وزيادة عرض النقـد، وارتفاع حجم الاستثمارات المسـتفيدة من القانون، وتوليد المزيد من فرص العمل، وارتفاع حصيلـة المساعدات الخارجية ، إلى آخره.
هـذا لا يمنع وجود مؤشرات سلبية محـدودة مثل ارتفاع المديونية، وانخفاض أسعار الأسـهم في البورصة، وانخفاض أرباح الشركات، وتراجع الإنتاج الصناعي كمياً وسعرياً.
من بين المؤشرات السـلبية نقف عند مشكلة القطاع الصناعي الذي ينتج أقل ويبيع بسـعر أقل بالرغم من ارتفاع كلفة الإنتاج تبعـاً لارتفاع أسعار المحروقات التي تشكل جزءاً هاماً من الكلفة الصناعية.
مشـكلة قطاع الصناعة التحويلية أنه لم يستطع التكيف مع بيئـة الانفتاح الاقتصادي على الأسواق العالمية، فقد بدأ حياته وراء أسوار الحماية الجمركية العالية وأحياناً إغلاقية، وفوجئ برفع الأسـوار الجمركية أو تخفيضها بشكل متسارع، وتدفق المنتجات الأجنبيـة ذات الكفاءة العالية والكلفة الرخيصة.
لم تدخـل الصناعة الأردنية مرحلة تكيف فاعلة، وما زالت تعاني من صغر السوق المحلية التي تحول دون الإنتاج الكبير، كما لم تستطع فتح أسواق خارجية كافية لنفس الأسباب التنافسية.
يقول صناعي أردني أن مصر تدعم صادراتها نقداً بنسبة 12%، ومثل الدول الخليجية تقـدم المحروقات والكهرباء لصادراتها بأسـعار رمزية في حين تشتري الصناعة الأردنية المحروقات والكهرباء بأعلى من السعر العالمي فكيف تصمد أمام تدفق الصناعات المصرية والخليجية والتركية، طالما أن الحكومة الأردنية لا تمارس حقها في امتصاص فرق الدعم لتأمين منافسة عادلـة.
الصناعة الأردنية ليس لها لوبي يدافع عن مصالحها، وما تقوم به غرف الصناعة يبقـى محدوداً وقليل التأثير على القرار الحكومي. (الراي)