الطريق المُعبّدة إلى "النكبة الثالثة"!

تم نشره الأحد 17 تشرين الأوّل / أكتوبر 2010 05:45 صباحاً
الطريق المُعبّدة إلى "النكبة الثالثة"!
محمد ابورمان

لم تقف الأمور عند حدود اجتراح شرط جديد في المفاوضات مع الفلسطينيين وهو الاعتراف بإسرائيل "دولة قوميةً لليهود"، بل مضت الحكومة هناك في سبيل ذلك بمسارات متعددة، آخرها قسم الولاء الذي تمّ إقراره مؤخراً، وأثار جدلاً شرساً في الصحافة العبرية، بينما لم يحظ إلا بالقليل من الاهتمام في الصحافة العربية.

دعونا نتجاوز قليلاً قصة تجميد الاستيطان والموقف الإسرائيلي الواضح منذ البداية، والبدء مؤخراً باستئناف البناء الاستيطاني في القدس، إلى القضية الأخطر اليوم التي تُعبّد الطريق علناً وبقوة للنكبة الثالثة للفلسطينيين، لكن هذه المرّة ضد سكان الـ48، سواء باتخاذ الضمانات الكاملة لعدم منح اللاجئين حق العودة، أو الوضع القانوني والسياسي لمن تبقى منهم ثابتاً على أرضه، وربما لاحقاً للقيام بمشروع تبادل وترحيل لهم إلى أراضي الـ67، أو أراضٍ أخرى.

اضطر ياسر عبد ربه (لاحقاً عبر وكالة أنباء معا)، بعد ضغوط شديدة، للتنكر لتصريحاته السابقة (التي نشرتها هآرتس)، التي قال فيها إنّ السلطة مستعدة للاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، ثم خرج الرئيس محمود عباس ليقول إن الاعتراف بيهودية إسرائيل مستحيل، أو حتى الاتفاق على التبادل السكاني.

السؤال الرئيس: هل خرج "الرفيق" عبده ربه في ذلك الموقف باجتهاد شخصي مثلاً، خارج سياق التفكير الرسمي الفلسطيني، بل والعربي؟! الجواب بالتأكيد: لا. لماذا أنا متأكّد من ذلك؟ لأنني سمعت ذلك من دبلوماسيين عرب قبله، لكن بلغةٍ وكلمات أخرى، أفصح عنها عبدربه في التصريحات الأخيرة التي تنكّر فيها لتصريحاته الأولى!

دبلوماسي عربي رفيع المستوى يقول: "ما لنا والاعتراف بيهودية الدولة! فلتذهب إسرائيل للأمم المتحدة، ولتسم نفسها ما تشاء، هذه قضية لا تدخل في صميم المفاوضات، ولسنا مضطرين للاعتراف بها، أو رفضها، لا علاقة لنا بذلك!".

ربما يرمي هذا الموقف إلى التهرب من الشرط الإسرائيلي في "الاعتراف بيهودية إسرائيل"، لكن الوجه الآخر الأخطر له أنّه يتهرب من مسؤولية العرب، حتى السلطة الفلسطينية التي تسير في هذا الركاب، في منع إسرائيل من الانفراد في فلسطينيي الـ48، والتآمر على حقوقهم، تمهيداً لتحقيق الحلم الإسرائيلي (لاحقاً) بتهجيرهم والتخلص منهم، والحصول على دولة يهودية سياسياً وسكانياً أيضاً.

كان الأصل أن يكون فلسطينيو الـ48 ورقة عربية وفلسطينية للضغط على إسرائيل وإحراجها أمام المجتمع الدولي، والمطالبة بموقف دولي ضد "قسم الولاء" وانتهاك حقوق الإنسان والتعامل مع الفلسطينيين هناك، وكأنهم "مواطنون" من الدرجة العاشرة، بدلاً من التهرب والتقوقع العربي والفلسطيني الحالي.

إسرائيل تمضي بوقاحة وعجرفة في مشروع البناء الاستيطاني، وتضطر إدارة الرئيس أوباما للخضوع لها، ويهرب العرب إلى فكرة "الهدنة" للأميركان، ويؤجّلون "بحث البدائل" (وكأننا أمام حالة من فجور السخرية هنا!)، ومن ثم تعلن إسرائيل رسمياً استئناف الاستيطان، وتقرّ قسم الولاء، وتخرج التصريحات الفلسطينية المتلعثمة، والتسريبات العربية، لتكشف أنّ النقاش العربي الداخلي يتمثل فيما إذا كان علينا القبول بالاعتراف بيهودية الدولة أم التهرب منه، ولا نفكر للحظة ما علينا فعله للوقوف دولياً وقانونياً وسياسياً لحشد المجتمع الدولي ضد إسرائيل. (الغد)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات