حول موازنة 2011

المفروض أن تكون موازنة السنة القادمة جاهزة الآن فقـد جرى الإعداد لها قبل شهور. والمفروض أن وزارة المالية قد أعدت مشروع الموازنة تمهيداً لمناقشـته وإقـراره في مجلس الوزراء كما جرت العادة خلال هـذا الشهر أو الشـهر القادم كما هو الحال في جميع بلدان العالم.
لكنا نسـمع الآن عن أسلوب آخر لإعداد موازنة 2011 وفقاً لأولويات البرنامج التنفيذي التنموي، مما يعني التركيز على النفقات الرأسمالية لأن المشاريع الإنمائية تحتاج إلى المال وهو غير متوفر.
في ظروف الوفرة المالية تتقرر الأولويات التنموية أولاً ثم تأتي الموازنة لتلبية هـذه الأولويات، ولكن ظروف الأردن الخاصة جعلت أولوية السياسة المالية تخفيض العجز والسيطرة على المديونية، الأمر الذي يأتي قبل تنفيـذ أية مشاريع رأسمالية ممولة بالدين. وإذا كان المال غير متوفر، فإن الحديث عن مشاريع إنمائية مكلفة يصبح غير وارد، لأن التمويل بالدين هو استثمار عكسي.
السيطرة على العجز والمديونية تتطلب وزارة مالية قويـة ومدعومة من الرئيس، لتتمكن من الصمود في وجـه الضغوط. وهنا نلاحظ بأن الأردن كان خلال العشرين سنة الماضية محظوظاً بوزراء مالية متميزين بشهادة المؤسسات الدولية، فلم تعد وزارة المالية دائرة محاسبة ومسك دفاتر، بل أصبحت أداة قوية لرسم السياسة المالية والإشراف على تنفيذها كما ينص القانون.
البرنامج التنفيـذي التنموي الذي وضعته الحكومة في وقت سابق برنامج تأشيري ليس ملزماً وليس مقدساً، ومن حقه الحصول على التمويل إذا كان متوفراً بعد تلبية متطلبات تشـغيل أجهزة الدولة أي النفقات الجارية، أما إذا كان ممولاً بالدين فلا يجـوز أن يوصف بالتنموي. ويبقى أن البرنامج التنفيذي المشار إليه ليس جدولاً بالمشاريع الرأسمالية فقط، بل سياسات وتوجهات لموازنة عامة تسعى لتقليص العجز والحد من المديونية أيضاً.
في الحالة الراهنة تسـتطيع الحكومة الاكتفاء بتنفيـذ المشاريع الإنمائية المرغوب فيها بالقـدر الممول بمنح خارجية مخصصة لمشاريع محـددة أهمها المياه والطاقة. وبخلاف ذلك فإن فجوة العجز ستتسع، والمديونية سترتفع، وتتعرض الإنجازات الاقتصادية للمخاطر. (الراي)