فلسطين .. ليست دكانة جدك!

تتبادل قيادات رام الله ، الادوار في لعبة غير شريفة ابداً ، وهي لعبة مكشوفة ، لا نتوقع غيرها ، ممن يقودهم الاحتلال.
يخرج ياسر عبدربه احد قياديي رام الله ليقول ان الفلسطينيين لديهم الاستعداد للاعتراف بيهودية اسرائيل ، مقابل الحصول على خريطة من اسرائيل تبين حدودها ، ثم يبدأ التنكر للكلام ، بعد ان ادت التصريحات مهمتها في تهيئة الاجواء لقرار مقبل على الطريق.
يأتي بعده رئيس السلطة ، ليقول انه مستعد للتنازل عن كل المطالب التاريخية ، مقابل قيام دولة فلسطينية ، والمطالب التاريخية هنا هي حق العودة للشعب الفلسطيني ، وحق الشعب في فلسطين ، من بحرها الى نهرها ، ثم يخرج من يقول لنا انه قصد كذا ولم يقصد كذا.
هذه مخازْ تاريخية ، ترتكب باسم الشعب الفلسطيني ، مخازْ وعار ، واي عار هذا الذي نراه اليوم ، وهم يتحدثون عن فلسطين باعتبارها من "ورثة الوالد" فيقررون ويساومون ، ويتنازلون وينبطحون ، وكأن فلسطين ، دكانة من دكاكين اجدادهم.
لا اعجب الا من اولئك الذين يبررون لقيادات السلطة كل افعالهم ، فيقولون انهم يناورون لاحراج اسرائيل. كلام مضحك حقاً. كلام لا يصدقه طلبة الابتدائي في حي سلوان او جبل الخليل ، او في ما تبقى من البلدة القديمة في نابلس.
يبررون الكلام بأنه تكتيك: التكتيك يقول ان اسرائيل لن تقبل بتسليم خريطة تبين حدودها حتى لو اعترف الفلسطينيون بيهودية الدولة ، وان الكلام يأتي لاحراج تل ابيب ، هذا على الرغم من ان قرارات الامم المتحدة تبين حدود الدولة العتيدة المنتظرة.
المطالب التاريخية الاخرى التي يريد عباس ان يتنازل عنها ، لا يسأله احد عمن فوّضه بالتنازل عنها اساساً. هل هي حقوق فردية او عائلية. هل هي حقوقه الشخصية. هل هي "دونم ارض" يمتلكه فلان ويريد التنازل عنه كما يريد. لا احد يجيب.
لا مشروع اليوم بيد سلطة محمود عباس سوى تحولها الى سلطة لحدية تتعاون مع الاحتلال وتنسق امنياً وتقتل شباب فلسطين وتدل اسرائيل عليهم ، وتقمع المقاومة ، وتمشط مدن الضفة ، لتريح اسرائيل من العبء الامني.
مؤسف ان السلطة التي تولدت من ثورة ولدت عام 64 من اجل تحرير فلسطين الثمانية والاربعين ، راحت واعترفت باسرائيل على ارض الثمانية والاربعين ، واذ جاء احتلال الضفة عام67 ، فانها اليوم تؤدي النصف الثاني من المهمة.
الشعب الفلسطيني يمر اليوم في اسوأ حالاته ، لان السلطة التي انتزعت الحديث باسمه تريد التفريط بآخر ما لديه ، ولا احد يجرؤ على اعلان الدعوة لمراجعة احقية هؤلاء بتمثيل الشعب الفلسطيني ، ومدى التزامهم بالوكالة التي حصلوا عليها.
لا بد من حل السلطة الوطنية الفلسطينية وحل منظمة التحرير ، واعادة تركيب المشهد برمته ، حتى لا يمتطي صهوة الشعب الفلسطيني وكلاء مستعدون لبيع حقوق الشعب ، وبغير هذا المعنى علينا ان نتوقع مخازي اضافية خلال الفترة المقبلة.
مشروع السلطة الوحيد حاليا هو التعاون مع الاحتلال ، فلا سلام ولا مقاومة ، وانما خلع لاظافر الضفة والقدس ، وتركيع للشعب باسم الواقعية السياسية ، وبهذا المعنى فان هؤلاء اشد خطراً على فلسطين من قيادات تل ابيب ، لان من في تل ابيب مشهرا عداوته.
التنازل عن المطالب التاريخية. كلام مسموم ، وكأنها دار ابيك تفعل بها ما تشاء ، وكأن شعباً من عشرة ملايين انسان ، لا قيمة لهم ولا وزن في الميزان ، حتى تقرر بيع حقوقهم في تصريح تلفزيوني.
فلسطين ليست دكانة جد هذا المسؤول او ذاك ، حتى يقرر جرد حسابها واغلاقها ثم بيعها لعابري الطريق.
(الدستور)