فساد الذوائق والضمائر والجبلات..!!

تم نشره الجمعة 21st تمّوز / يوليو 2017 12:49 صباحاً
فساد الذوائق والضمائر والجبلات..!!
حسين الرواشدة

لا ادري اذا كان واقع الاستبداد الذي تعانيه امتنا منذ القرن السابع الهجري - تاريخ سقوط بغداد بيد التتار - وحتى الان، قد ترك بيننا كاتبا او مفكرا او فقيها او انسانا حرا، يجهر برأيه وموقفه دون خوف من حساب او عقاب.

 واذ اعتذر، سلفا، لكل الذين يتصورون انهم نالوا او انتزعوا هذه الفضيلة : فضيلة الحرية (اغلبهم بالطبع شهداء او مسجونون) ومن الاخرين الذين يبشروننا بكوكبة من الاحرار القادمين، او حتى من الحاضرين الذين يحاولون ان يدافعوا عن حقوق امتهم وهويتها، الا انني ما زلت ارى ان مرحلة السقوط الحضاري والفكري التي تناسلت من قرون حتى بلغت مداها في زمننا هذا، لا يمكن ان تفرز سوى هذا “الوهم” الذي يتلبس سرابيل الحرية حينا.. والديمقراطية والتقدم احيانا اخرى.. فيما اصله الاستعباد والاستبداد وفساد الذوائق والضمائر والجبلات.

 واذا كان فعل الاستعباد كما يرى الكواكبي رحمه الله يبلغ بالامة ان يحوّل ميلها الطبيعي من طلب الترقي الى طلب التسفل، بحيث لو دفعت الى الرفعة لأبت وتألمت، كما يتألم الاجهر من النور، فان ثمة في واقعنا العربي المرير من النماذج ما يحقق رؤية الكواكبي، ويزيد.

 فأين هو الكاتب الحر في زمن شعاره “احنا شعب وانتو شعب” او “لا اريكم الا ما ارى”، واين هو العالم والفقيه الحر في عصر تقدست فيه السياسة واصبحت دينا منزها عن النقاش والحوار، واين حرية التفكير والابداع في عالم استبد به الجور، وتأله فيه الصنم /الانسان، وتحكمت فيه فتاوى “القوة” والغلبة والانتهازية، ، والقداسة التي استأثر بها “الناطقون” باسم الله (تعالى) وباسم الخلافة لتحرير الشعوب من كرامتها وحقها في الحياة، اما كيف ؟ فبقطع الرؤوس وجز الرقاب وحرق الاجساد. 

نحن ما نزال نكتب ونفكر ونفتي ونتأمل على هامش الحرية، هذه التي نطاردها ونلهث خلفها دون توقف، ولكن هيهات لاحدنا ان يزعم انه يمارس وظيفته بحرية حتى وان احس بان في داخله نفسا حرا يتحرك.. او اطمأن الى ان ما يجهر به يرضي ضميره ويرفع عنه إثم السكوت، او خطايا التجمل وحسابات التملق والارتزاق. 

والا قل لي أين هو المفكر الشهيد؟، وأين هو الكاتب البطل؟ .. وأين هو الحبر الذي اصبح دما؟.. ولو ملك الفقهاء - كما يقول الكوكبي - حرية النظر لخرجوا من الاختلاف في تعريف المساكين الذين جعل الله لهم نصيبا في الزكاة.. فقالوا: هم عبيد الاستعباد.. ولاستحقوا كفارات فك الرقاب.. باعتبار استعبادهم الرق الاكبر. مساكين، اذن هؤلاء الاحرار، فمعركتهم لن تبدأ ضد الاستبداد ما لم تبدأ ضد “وهم الحرية” التي يستشعرونها، وضد السجن الكبير الذي خرجوا اليه - او هكذا تصوروا - بعدما نزعت الاغلال منهم في السجن الصغير.

الدستور  2017-07-21



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات