باب الأسباط

تم نشره الجمعة 21st تمّوز / يوليو 2017 12:51 صباحاً
باب الأسباط
عيسى الشعيبي

لم يتردد اسم باب الأسباط في نشرات الاخبار كما تردد خلال الاسبوع الفائت، اي منذ العملية العسكرية التي جرت امام هذا الباب المفضي، وحده، الى ناحية الشرق في سور البلدة القديمة. ولم يشهد هذا الباب، وهو اقرب المداخل الى باحة المسجد الاقصى، مثل هذه المواجهة الدامية مع سلطة الاحتلال من قبل، على مدى الخمسين سنة الماضية، حيث احتكر باب العامود ذائع الصيت كل الفعاليات المشهدية السابقة، نظراً لمركزية هذا المدخل الشمالي الفاره في حياة المقدسيين الاقتصادية والثقافية، واتصاله المباشر بأسواق وحارات القدس العتيقة.
    لم أعثر في المراجع التاريخية المتاحة على سبب تسمية هذا الباب الواسع بهذا الاسم الشائع بين الناس، الذين يطلق بعضهم عليه اسم باب "ستنا مريم" لقربه من الكنيسة التي اقيمت على الموقع الذي ولدت فيه السيدة العذراء. وكنت اخشى في ما مضى من وقت، حين كنت أفضل العبور من حي واد الجوز(حيث اقمت) القريب من باب الاسباط الى ساحة المسجد الاقصى، ان تكون هذه التسمية ذات مدلول عبري، كون اليهود العبرانيين كانوا موزعين على اثني عشر سبطاً، غير ان هذه الوساوس تبددت عندما تيقنت ان لا شبهة عبرية في هذا الاسم.
    أود ان اطيل الحديث عن باب الاسباط أكثر، لأختصر ما امكنني التعليق على العملية العسكرية التي حملت اسم هذا الباب، بعد ان تجنبتُ التطرق الى العملية في مقالي الاخير، وهو ما اثار استغراب بعض الاصدقاء الراغبين في سماع وجهة نظري حول اول مواجهة مسلحة في فناء المسجد الاقصى، الذي كان على الدوام مسرحاً فسيحاً لغالبية الفعاليات الجماهيرية، ونقطة انطلاق كبرى لمعظم الصدامات والانتفاضات والثورات الفلسطينية المتعاقبة على مدار نحو قرن من الزمن، وذلك لشدة حساسية المكان وقداسته الدينية ورمزيته التاريخية.
    كان اكثر ما لفتني انه بعد مرور نحو اسبوع، قامت فيه قيامة القدس ولم تقعد بعد، لم تعلن اي جهة مسؤوليتها عن هذه العملية العسكرية غير المسبوقة في الحرم القدسي، وهي المرة الاولى في تاريخ الكفاح المسلح التي تظل فيه عملية مدوية ضد الاحتلال بلا اب ولا ام، الامر الذي كان ينبغي معه الامساك عن كل قول، خشية ان تكون "داعش" خلف هذا العمل المتسم بروح سلفية جهادية لا توازن فيها بين الاستطاعة والكلفة، ولا تعبأ بردود الافعال غير المسيطر عليها، او بالمضاعفات المترتبة على وضع الاقصى، الواقع راهناً في بؤرة عاصفة اطماع اسرائيلية عاتية.
    في غمرة المواجهة المتواصلة بكل الاشكال المتاحة، لا  يجوز التحفظ على اي عملية من اي نوع كانت، طالما انها ضد احتلال استعماري غاشم، يتعبد في محراب القوة ولا يفهم لغة سواها، على ان يكون الفعل المقاوم آتيا من قلب الحركة الوطنية الفلسطينية، وموظفا في خدمة اجندتها الكلية، يضيف اليها، لا ان يجيء عليها ويخصم من رصيدها النضالي، ويلقي على كاهلها المتعب شبهة التماهي مع أهداف مسمومة، حيث كثيراً ما سعت " داعش"، بدون نجاح، الى القيام بعمل استعراضي يبرر زعمها الفارغ بقتال اليهود، وهم الجهة الوحيدة التي لم يرمها هؤلاء بحجر او وردة.
    اذا كان لهذه العملية، التي قدمت لإسرائيل فرصة مثالية لم تتحقق لحسن الحظ، كي تنفذ مخططها المبيّت بتقسيم الاقصى مكانياً وزمانياً، من نتائج ايجابية مهمة، فذلك ناجم بالدرجة الاولى عن غطرسة سلطات الاحتلال وفجور ردود افعالها الانتقامية، بما في ذلك تغيير الوضع القائم في الاقصى، (نصب كاميرات مراقبة، وإقامة بوابات الكترونية)، وهي تداعيات متمثلة في سلسلة طويلة من المواجهات النضالية المبشرة بحدوث انتفاضة شعبية، لم تنجح في اطلاقها ظاهرة الطعن بالسكاكين وعمليات الدهس وغيرها.
    لقد كان الاقصى فتيل التفجير الرهيف لمجمل الاحداث الكفاحية التي شهدتها الاراضي الفلسطينية تاريخياً، وظلت اول قبلة للمسلمين رافعة قوية لتوحيد الاهداف واحياناً رص الصفوف وراء غاية سياسية اكبر من كل ما طفا على السطح، مؤخراً، من مزايدات ومكايدات ومحاولات انتهازية، لتسوية الحسابات الداخلية، وهجاء الخصوم وجلد الذات، الامر الذي نأمل معه ان يكنس يوم الغضب والنفير العام لنصرة الاقصى ما علق بالمشهد الفلسطيني من مظاهر شاذة.

الغد  2017-07-21



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات