الحكومة وجه وقفا

أيام يكرر أكثر من مسؤول حكومي فكرة أن الحكومة تقف على مسافة واحدة من جميع المرشحين. وهذه الفكرة بحد ذاتها لا يفترض أن تثير الابتهاج بالمطلق عند الطرفين لأنها حمّالة أوجه ولها دلالات متعددة.
حتى تكون المسافة واحدة يتطلب الأمر أن يصطف المرشحون في حلقة دائرية وتكون الحكومة في مركز الدائرة, ولكن حتى هذا لا يحقق العدالة لأن الحكومة في هذه الحالة تكون قد نظرت وجهاً لوجه نحو قسم من المرشحين و"أعطت قفا" لقسم آخر.
أحد ما قد يقترح حلاً لهذه المشكلة بأن يشترط على المرشحين المصطفين في الحلقة الدائرية أن لا ينظروا إلى الداخل نحو مركز الدائرة حيث تقف الحكومة, وفي هذه الحالة تكون الحكومة في وضعية مناسبة بحيث لا تلتقي عيونها مع عيون فريق دون آخر. لكن المشكلة التي تنشأ هنا أن المرشحين سينقسمون مجدداً إلى فريقين: الأول يعطي قفاه لوجه الحكومة والثاني يعطي قفاه لقفا الحكومة, وهي أيضاً وضعية لا تحقق العدالة المنشودة.
علي أن أعترف أنه يوجد في الحالتين المذكورتين أعلاه خلل جوهري, فهما تفترضان أن الحكومة شخص, أو أنها على هيئة شخص يقف مقابل أشخاص آخرين, وهذا غير صحيح إطلاقاً, فالحكومات على الأقل ليست شخصاً واحداً حتى يكون له وجه وقفا واضحين.
على العموم تثبت التجربة الأردنية صعوبة أن نعرف للحكومات "وجه من قفا", وهو ما يصعب تحقيق العدالة. (العرب اليوم)