صورة جديدة لفرنسا

تم نشره الجمعة 28 تمّوز / يوليو 2017 12:59 صباحاً
صورة جديدة لفرنسا
محمد برهومة

أكد تفاعل الفرنسيين المختلف مع عيدهم الوطني هذا العام، وبحضور قوي للرئيس إيمانويل ماكرون، وحضور الرئيس الأميركي دونالد ترامب كضيف شرف، مدى اهتمام الرئيس الفرنسي الشاب بالرموز من جهة، وإظهار أنه ليس مجرد رئيس تقني يملأ كرسي الرئاسة، وإنما صاحب رؤية، من جهة أخرى. وقد اتضحت هاتان الصفتان بجلاء في تعاطي ماكرون مع بوتين ومركل وترامب ومع الداخل الفرنسي. 
الإعلاء من "الرمزية" ظهر في خطاب ماكرون بداية هذا الشهر أمام البرلمان الفرنسي، وفِي خطابه الأخير بمناسبة العيد الوطني. وليست محاولة الرئيس الفرنسي الشاب إعادة الهيبة لمؤسسة الرئاسة في بلاده بعد التراجع الذي أصابها في السنوات الأخيرة الا دعماً لرؤية جديدة يدشنها عهده، بدأت بالتعامل الجديد مع الإعلام الفرنسي، ومع الصورة، وفلترة التصريحات، وصولاً إلى القطع مع صورة "الرئيس العادي"، التي كان الرئيس السابق فرانسوا هولاند يؤكد أنه يريدها لنفسه.
وماكرون يريد القطع أيضاً مع فترتي ساركوزي وهولاند، حيث السياسة الخارجية الفرنسية مجرد انعكاس، في الغالب، للأولويات والاعتبارات الأميركية والأطلسية.
وفي الواقع، مما قد يساعد ماكرون في مساعيه  في أن تكون له "بصمة" مميزة في الداخل الفرنسي، وعلى المستويين الأوروبي والدولي، أنه "مرغوب من أطراف عدة". فالمستشارة الألمانية تراهن على فرنسا -ماكرون لترسيخ محور ألماني- فرنسي يوقف تعثر مسيرة الاتحاد الأوروبي، ويقدم مبادرات تاريخية للشراكة، مثلما ظهر أخيراً في مشروع تصنيع المقاتلة الأوروبية المشتركة، ما من شأنه تعزيز المصالح الأوروبية في وجه ضغوط إدارة ترامب، لا سيما في ظل أن برلين لم تعد تثق بقدر كبير بأميركا- ترامب. وتحاول فرنسا- ماكرون تفهم ذلك، لكن رؤية الرئيس الشاب تتجلى في أنه لن يعمل ضد مركل، ولن يتوقف في الآن ذاته عن محاولة إحداث "اختراق" ما عبر إبقاء اليد الأوروبية ممدودة لترامب، الذي يفضّل ماكرون على مركل. وحاجة الأخيرة لماكرون تتأكد في ظل الهواجس من أنّ تقرّب ترامب من ماكرون إنما يتساوق مع رغبة الأول في إضعاف الاتحاد الأوروبي، وإضعاف أوراق القوة لدى ألمانيا كقوة صناعية وتكنولوجية تزداد تقدماً ومنافسة.
ماكرون هو "حاجة روسية" كذلك، لا سيما بعد التحولات التي أجراها على موقف بلاده من الملف السوري وتصريحاته بأنه "لن يجعل من رحيل الأسد شرطاً مسبقاً"، وأن الأخير قد يكون "عدواً للشعب السوري لكنه ليس كذلك بالنسبة الى فرنسا".
والحقيقة أن ثمة رغبة لدى بوتين في التواصل مع بلدٍ أوروبيّ مهمٍ مثل فرنسا في ظل إحباط الكرملين من برلين.
وفي الأزمة الخليجية المستمرة مع قطر، وجدنا رؤية ماكرون تتجه لاشتقاق صيغة جديدة للتعاطي الفرنسي مع منطقة الخليج باتجاه إحداث "التوازن" بين اندفاع ساركوزي نحو قطر، واقتراب هولاند أكثر من الرياض وأبو ظبي.
ماكرون "المرغوب من أطراف عدة" والذي يشكّل "حاجة سياسية" لها، حريص على توثيق مسارات التلاقي مع هؤلاء على اختلافهم، لعل ذلك يكون قنطرةً لتخليق دور جديد لفرنسا... وصورة جديدة لرئيسها الشاب!

الغد  2017-07-28



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات