توزيع التسهيلات المصرفية

تشير آخر تقارير البنك المركزي إلى أن حجم التسهيلات المصرفية ارتفع خلال الشهور الثمانية الأولى من هذه السنة بمقدار 686 مليون دينار ، أو 5% ، وإذا استمر التوسع بنفس المعدل ، فإن نمو التسهيلات سيتجاوز مليار دينار في السنة بأكملها أو بنسبة 5ر7% على الأقل.
معنى ذلك أن تهمة التشدد في منح الائتمان المصرفي قد استنفدت أغراضها ، فقد عادت البنوك إلى التوسع تحت حافز الربحية وتوسيع حصتها في السوق. وإذا كان نمو التسهيلات يدل على النمو الاقتصادي فقد أصبح بالإمكان توقع نسبة نمو جيدة هذه السنة تفوق التوقعات المتحفظة المتداولة حالياً.
توزيع التسهيلات المصرفية له دلالات لا تفوت المحلل ، فالتسهيلات الممنوحة للأفراد انخفضت بنسبة 7ر10% ، وهو أمر ملفت للنظر ويدل على انكماش الأفراد وتخوفهم ، حيث انتقل الحذر من المقرضين (البنوك) إلى المقترضين (الأفراد).
هذا التراجع في التسهيلات الفردية له وجه إيجابي ، لأنه يعني تراجعاً في الإنفاق الاستهلاكي الممول بالدين ، أي أن هناك حركة ترشيد استهلاكي تلقائية ، فرضتها الظروف والمزاج العام.
ومما يلفت النظر أيضاً أن قطاع الإنشاءات ، الذي كان يشكو من شح الموارد واستنكاف البنوك عن تمويله ، حصل على حصة الأسد ، وارتفعت التسهيلات الممنوحة له بنسبة 8ر18% في ثمانية أشهر بالمقارنة مع ما كانت عليه في نهاية 2009.
كذلك نالت شركات الصناعة والتعدين حصصاً كبيرة من التسهيلات ، مما يعني أن إداراتها تخطط لقدر من التوسع بعد أن طلقت سياسة الانكماش والانتظار لما تأتي به الأيام.
أما انخفاض التسهيلات المقدمة للحكومة وقطاعها العام بنسبة 6ر21% فلا يدل على أن القطاع العام لا يمارس الاقتراض بكثافة ، ولكنه يدل على تحول إلى شكل آخر من الاقتراض وهو السندات وأذونات الخزينة التي يبدو أنها لا تدخل في إحصاء التسهيلات مع أنها كذلك . علماً بان معظم التسهيلات المصرفية التي تستفيد منها الحكومة تأتي من البنك المركزي.
التوسع في منح الائتمان للفعاليات الاقتصادية من إنشاءات وصناعات وتعدين يؤشر إلى نهاية الركود الاقتصادي وبدء مرحلة الانتعاش ويؤكد أن التفاؤل الذي عبّرنا عنه باستمرار لم يكن بدون أساس. (الراي)