قطاع الإنشاءات إنتاجي

من يقرأ ويسمع عن النشاط العمراني في البلد، والمشاريع العقارية العملاقة في العقبة وغيرها من المناطق التنموية وغير التنموية، يظن أن الاقتصاد الأردني يقوم على قطاع الإنشاءات، وأن معظم النمو الاقتصادي الذي يتحقق إنما هو نتاج هذا القطاع الصاعد.

هذا غير صحيح، فالأرقام التي لا يحترمها كثيرون، تقول شيئاً آخر، فحصة الإنشاءات في الناتج المحلي الإجمالي تقل عن 5 بالمئة، وإسهامها في نسبة النمو السنوي العام أقل من نصف الواحد بالمئة.

أين تذهب مليارات الدنانير التي يقال أنها تستثمر في العقارات والإنشاءات؟ الجواب يكمن في التفريق بين مجموع الإنفاق على نشاط معين أو حجم مبيعاته، وبين القيمة المضافة التي يولدها هذا النشاط.

قطاع الإنشاءات يعتمد كثيراً على الاستيراد، فمعظم المواد مستوردة أو مصنعة من مواد مستوردة، ومعظم العاملين في القطاع وافدون يحولون رواتبهم للخارج، كما أن شراء الأراضي لا دخل له في الناتج المحلي الإجمالي لأنه يمثل مجرد انتقال الملكية من اسم آخر.

مدخلات الإنتاج في قطاع الإنشاءات هامة جداً وتشكل النسبة الكبرى من كلفة الإنتاج، وهي تحسب إحصائياً للقطاعات التي أنتجتها، كالصناعة التحويلية والنقل، وليس لقطاع الإنشاءات الذي تقتصر مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي على الرواتب المدفوعة للعاملين في القطاع، والفوائد المدفوعة للبنوك وأرباح المقاولين، وربما كانت هذه العناصر مجتمعة لا تشكل سوى نسبة صغيرة من كلفة الإنشاءات الكلية.

مساهمة قطاع معين في الناتج المحلي الإجمالي ليست المقياس الوحيد لأهميتـه، وإلا كان يجب شطب الزراعة، فالقطاعات الاقتصادية تتداخل مع بعضها، وتؤثر في بعضها البعض، لدرجة أن بعض أنصار الزراعة يقولون إنها تولد دخلاً في الصناعة والتجارة والنقل وغيرها بما يعادل 24% من الناتج المحلي الإجمالي، مع إن ما يحسب للقطاع الزراعي لا يزيد عن 3ر4% فقط. ويبدو أن مثل هذا ينطبق على قطاع الإنشاءات أيضاً، فلو تم تجميده فإن خسائر كبيرة ستحدث لصناعات محلية عديدة ووسائل نقل وإيجارات عقارات وضرائب ورسوم وغير ذلك.

الاقتصاد الوطني وحدة متكاملة، تسهم بها جميع القطاعات، ولا يستغنى عن أي قطاع، ولا تتوقف أهمية القطاع عند نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي كما تعكسها الإحصاءات.

الراي 2017-08-18