حتى لا تتحول قوة الإعلام إلى "بلطجة"

تم نشره الخميس 28 تشرين الأوّل / أكتوبر 2010 07:33 صباحاً
حتى لا تتحول قوة الإعلام إلى "بلطجة"
ياسر ابوهلالة

من علامات صحة الدول قوة إعلامها، وجاءت استقالة وزير البيئة حازم ملحس لتؤشر على أن للإعلام هيبة يصعب التطاول عليها. وهي تشكل سابقة ليس في بلدنا وإنما في المنطقة. والمأمول أن تكون خطوة في درب الإصلاح الطويل لا "تكتيكا" ينزع لغما كاد أن ينفجر في وجه الحكومة في لحظة دقيقة.

بعد الاستقالة يمكن أن نفكر في المأمول والمحظور. فالمأمول أن تظل الصحافة على رصانتها، ولا تمارس خفة التشفي والبطولات بأثر رجعي. والشجاعة لا تتجزأ، وإلا أصبحت استقواء على مسؤول مقابل استزلام لآخر.

والأخطر من ذلك أن تتحول الصحافة إلى أداة ابتزاز وتشهير، وتتحول من معارضة مبنية على قوة المعرفة والجرأة والعمق إلى" بلطجة" تستخدم القوة المؤسسة على الجهل والبعيدة عن المعرفة والخلق.

في قصة الوزير ما يدعو إلى التأمل، فهو يمثل جيلا جديدا من النخبة السياسية التي نمت بعيدا عن الحواضن الطبيعية للعمل السياسي (الأحزاب، مجلس النواب، النقابات..)، وهي تعتمد على الحضور في ما يمكن أن يسمى "نادي العلاقات الخاصة" والتواصل بأبسط معانيه، والتشبيك اعتمادا على المبادرة الشخصية وحدها، ومن دون أي جهد جماعي أو مؤسسي.

عندما تشكلت الحكومة حاولت أن أجد ملامح سياسية لها، وقد لاحظت أن القاسم المشترك الأكبر بين أعضائها هو التخرج من مدرسة "الفرير"، وهي ليست حزبا سياسيا، لكنها قد تشكل خبرة ووعيا وعلاقات يمكن من خلالها رسم ملامح لخريجها، تميزهم عن خريحي كلية الحسين أو المدارس الحكومية الأخرى.

لا أنظر لـ"الفرير" بوصفها كيانا معاديا، فقد شكلت في سنوات طليعة في المدارس الخاصة التي تضم فئة واسعة من أبناء الطبقة الوسطى، أيام كان في البلاد طبقة وسطى. ولم تكن في حينها مناهج الفرير منبتّة عن مناهج باقي الطلبة. بل كان يطبق عليها بشكل صارم قانون التربية والتعليم الذي يبدأ بـ"الاعتزاز بالقيم العليا للأمة العربية". وكانت المناهج ذاتها للمدارس الحكومية و الخاصة مع زيادة في مناهج اللغة الإنجليزية والفرنسية للأخيرة.

تفوقت كلية الحسين على الفرير في حينها بأعداد الأوائل في التخصصات العلمية والأدبية، لكن كان أبناء الفرير يتلقون تعليما أفضل، كانت لديهم ملاعب أكبر وشجر أكثر، والأهم من ذلك أتيحت لهم فرص بفضل الطبقة الوسطى (العليا) لم تتح لغيرهم. سواء في البيت ومحيط الأصدقاء وأماكن التثقيف والسياحة.. أم في التعليم الجامعي.

في المقابل تفوّق أبناء كلية الحسين سياسيا، ففيها كانت تنشط التيارات السياسية إسلامية ويسارية وقومية ووطنية. وندر أن تجد ابن مدرسة خاصة انتسب إلى فصيل سياسي، أو تصادم مع أهله بسبب أفكاره. ربما انتسبوا إلى فرق غناء، واختلفوا مع ذويهم على مكان قضاء العطلة. أتخيل أن الصحافة في أكثرها تنتمي إلى كلية الحسين، والنخب السياسية تنتمي إلى "الفرير". والمطلوب التجسير بينهما لا إحراق الجسور.  (الغد)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات