سياسة الدعم ، عندهم وعندنا

عملية إنقاذ الشركات المصرفية والصناعية كلفت الخزينة الأميركية مئات المليارات من الدولارات ، وحالت دون حدوث انهيار اقتصادي كامل يشبه الكساد الكبير الذي شهدته أميركا في ثلاثينيات العقد الماضي.
هذه العملية أصبحت الآن أداة الحزب الجمهوري في التحريض ضد مرشحي الحزب الديمقراطي وإدارة أوباما ، استغلالاً لكراهية الرأي العام لحيتان وول ستريت الذين تم إنقاذهم بالمال العام.
استراتيجيو الحزب الجمهوري الذين يشنون الحملة يعرفون أكثر من غيرهم أن عملية إنقاذ البنوك مثلاً كانت ضرورية ، وإن إنقاذ الحيتان كان نتيجة جانبية فالهدف إنقاذ ملايين الوظائف التي كانت ستختفي لو حدث انهيار مصرفي كامل ، وإنقاذ ودائع الجمهور التي كانت ستتبخر.
لا يهمنا في هذا المقام الدفاع عن الإدارة الديمقراطية التي اتخذت القرار الصحيح ، ولو لم يكن قرارها شعبياً ، بل توضيح أن الإنقاذ والتحفيز كان محسوباً ، ولم يمثل إلقاء المال في الشارع أو محاولة تنفيع هذه الجهة أو تلك.
عمليات إنقاذ الجهاز المصرفي الأميركي مثلاً كلفت الكثير ، وقد استردت البنوك عافيتها وأصبحت تحقق أرباحاً . ليس هذا هو المهم ، بل إن الخزينة الأميركية لم تسترد ما دفعته لتعويم البنوك فقط ، بل حققت فائضاً بلغ 25 مليار دولار.
لم تقدم الخزينة الأموال دون شروط قاسية من شأنها تدفيع المستفيدين ثمناً باهظاً ، فأسهم البنوك التي سيطرت عليها بسعر متدن ، تباع الآن في السوق وتحقق أرباحاً طائلة بحيث أن المال العام يأخذ حقه كاملاً.
عمليات الدعم والإنقاذ يجب أن تأتي في باب الاستثمار وليس مجرد الإنفاق ، ويجب أن يكون المال قابلاً للاسترداد بشكل منافع مالية أو اقتصادية أو اجتماعية ملموسة ومحسوبة ، أما الدعم الاستهلاكي فمن شأنه إحراق المال وإحداث خلل وتشجيع الهدر والإسراف وسوء الاستعمال.
نحن ندعم أسطوانة الغاز فتستفيد المطاعم والفنادق ، وندعم الخبز فيستفيد مئات الآلاف من غير الأردنيين ، وندعم الأعلاف فيستفيد تجار المواشي الذين يصدرونها للخارج ، وندعم الماء والكهرباء فيستفيد كل بقدر استهلاكه أي بقدر غناه ، وندعم الجامعات الرسمية لتمكينها من الترهل الإداري ، وندعم البلديات كي لا تضطر لتحصيل حقوقها.
أنصار ومؤيدو الدعم والمدافعون عنه لهم أصوات عالية في انتقاد عجز الموازنة وارتفاع المديونية والتذمر من ارتفاع الضرائب. (الراي)