الارهاب للعراق والترهيب للآخرين

وثائق ويكيليكس التي كشفت عن خطة امريكية لتنفيذ ابادة جماعية ضد الشعب العراقي وخاصة السنة هي البعد الاخر للنزعة الثأرية الانتقامية الصهيونية التي سخرت القوة الامريكية لغزو العراق لتدمير مقوماته ولذبح شعبه ، اما البعد الاول فهو تصفية رموز العراق القيادية بغُلّْ وحقد وتذكير العالم بان من يكدر خاطر اسرائيل او يمكن ان يشكل خطرا عليها او يفكر باستقلالية او خروج على ما هو مرسوم للمنطقة لا بد ان يدفع الثمن.

كان الشهيد صدام حسين مستوعبا للحدث عندما واجه الامريكيين وزبانيتهم بصرخة مدوية وهو على منصة الاعدام وقبل لحظات من اعدامه قائلا: (عاشت فلسطين وعاشت الامة العربية موحدة) وهو لم يقصد ان يرفع شعارا ولكنه قصد فضح نواياهم الاجرامية بانه مدرك ان ليس المقصود اعدامه كفرد وانما المقصود اعدام القضية الفلسطينية والازمة العربية وهي امة لا تموت وقضيتها المقدسة لن تصفى ولذلك هتف لها بالحياة وهو يواجه الموت المحتم.

وفي كل ما حدث في العراق كانت الرمزية هي التي تم توظيفها اعلاميا ونفسيا ، فالحرب الهمجية على العراق والتي استخدمت فيها اسلحة فتاكة وحديثة كانت حربا اعلامية وتلفزيونية بشكل خاص وبدأت باسقاط تمثال للرئيس صدام جرى اعدامه وروج له تلفزيونيا اكثر من كل المعارك الحربية ، وبعد ذلك وضعت صور 54 شخصية قيادية عراقية من النظام السابق على ورق لعب "الشدة" او الكوتشينة كما يقول اخواننا في مصر وكلما تم اعتقال واحد كانت تسقط ورقة من الشدة وكأن الناس تتابع فيلما هوليووديا.

ولم يكن مستغربا ان تستمر احكام الاعدام بحق قيادات العراق في نفس الوقت الذي يجري الكشف فيه عن مسلسل اعدام الشعب العراقي على يد امريكا وادواتها المتحالفين معها على اغتيال العراق وفي مقدمتهم ايران التي جاء غزو العراق وايران متجاوبا مع احقادها على البلدين.. الخ،،.

ولا يمكن ان يكون الحكم باعدام شخصية سياسية فكرية على حافة قبره مثل طارق عزيز بحسابات الخوف من ان يكون له دور اذا ما خرج من السجن وهو في الحالة الصحية التي هو فيها كما ان القتلة يعرفون ان طارق عزيز لم يكن له اي دور في اية ممارسات قمعية للنظام السابق.

ولذلك فان الاصرار على اعدامه ليس الا لبث مزيد من الترهيب في المنطقة حتى لا يتجرأ أحد على ان يعبر عن ارادة هذه الامة وصمودها ومقاومتها في وجه المشروع الصهيوني الذي كان وراء اطلاق الهجمة الامريكية لتفريغ المنطقة حول اسرائيل بوسائل حربية وسياسية واقتصادية وصولا الى الدولة اليهودية التي يريدها نتنياهو حاضرة الشرق تحيط بها "عًزب" تعيش على هامشها. (الدستور)