حرب أفغانستان إلى أين؟

قـرار الرئيس الأميركي السابق جورج بوش بتعزيز القوات الأميركية في العراق بحوالي 30 ألف جنـدي للعمل تحت قيادة الجنرال بترايوس كان يهـدف لتسجيل نجاحات محـدودة والتمهيد بعد ذلك لانسـحاب لا يبدو وكأنه هزيمـة.
كذلك فإن قـرار الرئيس الأميركي باراك أوباما بتعزيز القوات الأميركية في أفغانستان بحوالي 30 ألف جندي إضافي للعمل بقيـادة نفس القائد اللامع بترايوس ، يهدف لتسجيل نجاحات تكتيكية محدودة ، والتمهيد بعد ذلك لانسحاب لا يبدو وكأنه هزيمة.
والواقع أن الهزيمة الصريحة أو الضمنية تظل أفضل من استمرار نزيف حرب عبثية محكومة سـلفاً بالفشل ، ليس في ميدان القتال فقط ، بل في أعماق النفس الأميركية التي لم تنس عقـدة فيتنام.
خلال تسـع سنوات من الحرب في أفغانستان ، أنفقت أميركا 347 مليار دولار على العمليات العسكرية ، و54 مليار دولار على أعمال إنشائية واقتصادية ، وبلغ عدد القتـلى والجرحى من الأميركيين حوالي عشـرة آلاف.
الصورة الراهنة بعـد كل هذه الجهـود والتضحيات تثير الأسى ، ذلك أن طالبان تسيطر الآن على النصف الجنوبي من البلاد ، وتمارس عملياتها في باقي أجـزاء البلاد بما فيها العاصمة كابول. وأسامة بن لادن ما زال حـراً طليقاً يمارس قيادته من مكان ما لم تسـتطع المخابرات الأميركية والدولية الوصول إليه بالرغم من الجائزة المعلنة بمبلغ 27 مليون دولار لمن يدل على مخبئـه.
حكومة أفغانستان منتخبة في انتخابات مشبوهة. ورئيسها حامد كرزاي يدير حكومة يسـود فيها الفسـاد على نطاق واسع ، أما طالبان فتمول نفسها ذاتياً عن طريق إنتاج وبيع المخدرات على نطاق واسع.
لم يبق أمام أميركا سوى الاعتراف بالأمر الواقع ، فالحرب فشلت في تحقيق أهدافها ، واستمرارها لا يعني سوى استمرار الخسائر بالمال والرجال ، أما النتيجة فهي محسومة طالما أن الحوارات الأميركية تدور حول موعد الانسحاب وحجمه ، فالمستقبل لطالبان.
السيطرة الخارجية على أفغانستان قصمت ظهر الاتحاد السوفييتي وأسهمت في سقوطه. والورطة الأميركية في أفغانستان خلقت أزمة للدولة العظمى تهدد عظمتها وانفرادها على قمة العالم.
موضوع البحث ليس الانسحاب والاعتراف بالفشل ، بل كيفية إخراج العملية بما يحفظ ماء الوجه. (الراي)