برلمان قصير العنق

ايا كانت نتائج الانتخابات وتركيبة المجلس النيابي القادم, فالمرجح ان هذا المجلس لن يعمر طويلا شأنه في ذلك شأن غالبية المجالس النيابية الاردنية منذ تأسيس الامارة 1921 مرورا باعلان المملكة 1946 وحتى اليوم.
ولربما كانت اصوات داخل مطبخ القرار الاردني فكرت في تأجيل الانتخابات في ضوء تحفظ الحركة الاسلامية عليها ثم وافقت, اي هذه الاصوات على الانتخابات لاكثر من سبب: استمرار اي شكل للسلطة التشريعية, وانتظار الظروف الاقليمية والتوجهات الدولية ازاء هذه المنطقة الحساسة من العالم, يضاف الى ذلك تمرير قرارات غير عادية مثل اللامركزية الادارية (بديل مشروع الاقاليم) وتحضير الاردن للمرحلة المقبلة ايا كان الموقف من كونفدرالية الاراضي المقدسة, ومشروع البنيلوكس الثلاثي (كونفدرالية السلام الاقتصادي بين دولة العدو والاردن والفلسطينيين).
ومما يتردد في كواليس الجهات الاقليمية والدولية النافذة ان لا مناص من التفاهم مع الحركة الاسلامية بوصفها قوة موضوعية مهمة في المدى المنظور على الاقل وان هذه الحركة لا تخلو من تقاليد براغماتية تجعل منها قوة معتدلة في الواقع قياسا بثقافة اسلامية اخرى على الصعيدين: الشيعي المسلح ممثلا بحزب الله, والسني السلفي المسلح ايضا ممثلا بالعديد من الجماعات المتطرفة.
والاهم من ذلك كله ان حركة اسلامية معتدلة مفيدة جدا في الدائرة الاردنية- الفلسطينية لاستيعاب حل مقبول بطيء برسم المراجعة في كل وقت. ولعل هذا ما يفسر حماس جهات دولية عديدة او تشجيعها لحل البرلمان السابق الذي انتخب على قاعدة الصدام مع الاسلاميين واقصائهم, وكذلك رغبتها في تسوية ما بين الاسلاميين والحكومة الاردنية.
ولعل الاسلاميين ادركوا هذا التحول ورفعوا سقف مطالبهم على غير عادتهم واعتدالهم المفرط, ولم يكونوا على عجلة من امرهم تاركين لانفسهم مهلة كافية وفرصة انتظار مزيد من ظروف تبدو مواتية عاما بعد عام.
وفي ضوء ما سبق, لا يمكن الجزم بشكل التحالفات السياسية المقبلة في الاردن بالنظر الى ارتباط الحضور الاسلامي (الرسمي) مع تيار يفترض البعض انه غادر الحلبة السياسية وهو التيار البدراني (مضر بدران), وليس مع التيار الرفاعي الذي عاد الى الاضواء حيث اعتقد البعض انه غادر مع خصمه البدراني, الا اذا كانت هناك حسبة جديدة بعد مجلس النواب الانتقالي. (العرب اليوم )