على اليرموك أقسمنا اليمينا

هؤلاء الشباب ضحايا، ليسوا جناة. حتى رئيس الحرس المقال في اليرموك ضحية. فإن صح أنه قدم تسهيلات لوصول إمدادات ودعم لطرف من أطراف المشاجرة فهو جزء من نظام اجتماعي لا يرحم. هل يقبل أن يترك أبناء العمومة في معركتهم الفاصلة على ثرى اليرموك؟
الجميع جزء من شبكة "المشاجرات الجامعية" التي نمت ورُعيت من قبل الدولة لمواجهة القوى السياسية التي كانت تتشاجر مع إدارات الجامعة ومع الدولة في قضايا عامة. تريدون مشاركة الشباب في الانتخابات؟ ما حصل في جامعة اليرموك وامتد إلى غير جامعة وجه من أوجه المشاركة. لقد لبوا نداء "سمّع صوتك" وأسمعوا من به صمم.
يمكن عمل سلسلة "لم نكن هكذا". وحتى لا يبقى حنينا مرضيا لماض لن يعود قررت مع الزملاء (فهد الخيطان وأحمد أبو خليل وعماد حجاج وباسل رفايعة وحسن الشوبكي ومحمد أبو رمان وآخرين) عمل ناد سياسي لخريجي اليرموك. لن يكون ناديا اجتماعيا لقضاء سهرات ممتعة، ولا لعقد حلقات الدبكة ولا لتدبير كسوة الشتاء للعائلات المستورة، ولا لمناقشة أطرحة علمية؛ سيكون ناديا سياسيا يهدف إلى تسييس طلبة الجامعات. وعندما يتسيسون ينتقلون من مربع الانتماءات الموروثة الضيقة إلى مربع الانتماءات المكتسبة الواسعة.
فصل الكاتب المبدع أحمد أبو خليل من جامعة اليرموك العام 81 وعاد إليها بعد 11 عاما، فصل بسبب نشاطه السياسي لا بسبب مشاركته في مشاجرة جماعية لأبناء الرمثا. وهو واحد من أجيال احترفت العمل السياسي في الجامعات، وصقلت شخصياتها من خلال العمل الجماعي وروح الفريق. صديق لنا عمل في واحدة من كبريات الشركات العالمية، وعند المقابلة استغرب أن الأسئلة لم تكن حول دراسته العلمية بقدر ما تركزت على نشاطاته في اتحاد الطلبة.
يستطيع أي باحث أن يتتبع سيرة الطلبة الذين وقفوا وراء انتفاضة الجامعة في صيف 1986 ليكتشف أنهم مبدعون في عملهم وناجحون ونافعون لبلدهم. فمن ينشط في السياسة مثل من ينشط في أي عمل تطوعي نافع. في المقابل من يحترفون الشجار الجماعي ويعلقون في الجامعة ردحا من العمر بسبب الفشل الدراسي ضارون لأنفسهم ولمجتمعهم سواء كانوا في الجامعة أم في المجتمع.
من اعتقلوا في المشاجرة الجماعية 74 وهو يقارب عدد من اعتقلوا في أحداث اليرموك في العام 86 ولنا أن نقارن بين الحالين. في تلك الأحداث أمر الملك الراحل بتشكيل لجنة تحقيق برئاسة ناصر الدين الأسد وخرجت بنتيجة أنصفت الطلبة. أي أن المدان هم إدارة الجامعة والحكومة والأجهزة الأمنية في حينه. الطلبة كانوا أوعى من الحكومة ومن إدارة جامعتهم.
الفترة الذهبية للعمل الطلابي كانت في "محطة" التحول الديمقراطي من العام 86 إلى 93، بعدها نفذت خطة منهجية لتدمير العمل السياسي في الجامعات بالتوازي مع العمل السياسي العام من خلال الصوت الواحد المجزأ. وبالفعل دمر العمل السياسي أو كاد ودمرت معه الجامعات. (الغد)