معارك النفوذ الحقيقية بين الكبار في سوريا .. هل بدأت ؟؟

تم نشره الأحد 17 أيلول / سبتمبر 2017 01:33 صباحاً
معارك النفوذ الحقيقية بين الكبار في سوريا .. هل بدأت ؟؟
د.فطين البداد

الغارة التي شنتها طائرات مقاتلة روسية  ضد قوات سوريا الديمقراطية في دير الزور فجر السبت بالتوقيت المحلي ، وهي الغارة التي نفتها موسكو  وأكدها البنتاغون ليل السبت - الأحد بالتوقيت نفسه ،   كانت رسالة للامريكيين بالدرجة الأولى فحواها أن الروس لن يسمحوا  لهذه القوات المدعومة أمريكيا بالتقدم إلى دير الزور أو احتلالها  بعد طرد داعش منها ، وإن قوات النظام ستعبر شرق الفرات ، وهو عبور أكدته الخارجية الروسية قبيل تصريح البنتاغون بساعات . . والخطير في أمر هذه الغارة أن هناك قوات أمريكية ومستشارين يقودون قوات صالح مسلم في سوريا قال بيان البنتاغون أن أيا منهم لم يصب بأذى ، وإذا قرأنا الغارة بعين السياسة ، فإن هناك تفاهمات بين الطرفين لا بد من حسم الخلاف فيها .

 واللافت في تسارع الأحداث في سوريا ، هو أن أستانا 6 قطع قول كل خطيب كما يقال  عندما سمى إيران وتركيا كطرفين أساسيين في ضمان إدلب كمنطقة رابعة  مشمولة في اتفاقية ما يعرف بـ " مناطق خفض التوتر " .. وكما هو معروف ، فإن الأمريكيين مشاركون في اجتماعات أستانا بشكل أو بآخر .

وإذا كان الإيرانيون طرفا أساسيا في اتفاقيات مناطق خفض التوتر ،بما فيها إدلب شمالا ، فإن هذا يعني أن مكانتهم في سوريا باتت أكثر تجذرا وأعمق شأنا بفضل الحليف الروسي الذي أنقذهم وميليشياتهم من هزيمة منكرة محتومة  قبل زج بوتين بلاده بجزء كبير من  ثقلها العسكري في الحرب  ، وهي المكانة التي تبدت مؤخرا في ما تسرب من معلومات نقلتها وسائل إعلام إسرائيلية ، حينما أكدت بأن الروس رفضوا طلبا إسرائيليا بإبعاد إيران وميليشياتها عن الجولان لأكثر من خمسة كيلو مترات ، مما يعني بأن الوعيد الإسرائيلي والتهديد بالتدخل العسكري يظل على المحك ،وهو أمر ينبئ بمزيد من التوتر ، وكثير من المفاجآت    .

ولأن أغلب ما يقال في الهواء الطلق  هو  بعكس ما يخطط له في الغرف المغلقة ، فإن كل هذه الضجة الإسرائيلية  ضد إيران في سوريا قد تخفي في طياتها أسرارا وخبايا  ، وإذا ضربنا مثالا حيا على ذلك ، فإن ما أعلنه الرئيس الأمريكي من انه سيمزق الإتفاق النووي في الخامس عشر من الشهر القادم ليس سوى جعجعة ، ذلك أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تقف بقوة ضد نتنياهو وليبرمان ومستشاري ترامب ولا تنفك تؤكد بأن اتفاقا نوويا مع الإيرانيين يلتزمون ببنوده  أفضل من لا اتفاق قد يحمل مخاطر  ، وهذه معلومة مسربة كذلك من  أروقة صنع القرار الإسرائيلي وفضحتها وسائل الإعلام  ، أي أن المؤسسة التي تحكم إسرائيل   وهي الأمن والجيش  بكل فروعه وبمن فيه الفروع الخارجية وعلى رأسها الموساد ، لا تريد أي تمزيق للإتفاق النووي العتيد ، ولا العبث به  ،  آخذة في الإعتبار بأن الولايات المتحدة ستكون وحيدة في قرارها ، ومعللة ذلك بأن قرارا مثل هذا سيضعف واشنطن في هذا الملف  ، ولن يوقف إيران ، إذا أخذنا بالإعتبار أن طهران محمية  بالأوروبيين والروس والصينيين الذين يرفضون جميعا فرض أية عقوبات عليها  أو أي مس بالإتفاق النووي ، مما يضع أي إجراء أمريكي ضد الإتفاقية منفردا ولا طائل منه .

 وأعتقد جازما ، بأن الأوضاع في سوريا لن تهدأ بمناطق خفض التصعيد أو التوتر  ولا غيرها ،وإن هدأت مؤقتا ،  ذلك أن كل من تدخل في هذا البلد ، وكل بطريقته ،يرغب في  أن تجني يداه  ما بذرتا من موت وتدمير وتشريد ،  وهذا  يعني   أن الدول الصغيرة  قد تحصد الريح فقط  ، بينما يجني ثمار سبع سنوات من الحرب قوى أقليمية ودولية فاعلة  لن تسمح أي منها باستتباب الأمن وإعادة الحياة إلى طبيعتها إلا إذا نالت حصتها من الوليمة السورية التي اقيمت على جثة الشعب السوري وتشربت بدمائه .

إن الغارة الروسية على قوات تحرسها الولايات المتحدة وتشارك فيها ، واقتراب الإيرانيين مسافة خمسة كيلو مترات من الجولان ورفض الروس توسيع المسافة ، وقيام إسرائيل بقصف المنشأة العسكرية التابعة للنظام وإعلان الجيش الإسرائيلي أن الدفاعات الجوية الروسية لن تكون حائلا بين طائرات الكيان وأهدافها في سوريا ، كما  وإن تمزيق الإتفاق النووي المرتقب  منتصف الشهر القادم ، كما توعد ترامب ( هذا إن فعل ) وانتشار الميليشيات الأيرانية على طول سوريا، والتغيير الديموغرافي الجاري على قدم وساق ،  كل هذه وتلك وغيرها  تؤكد بأن سوريا لا زالت أرض رمال متحركة ، وليس صحيحا أبدا أن أعداء الثورة انتصروا  فيها  ، فالبلد قيد التقسيم ، ومعارك النفوذ الحقيقية بين الكبار لم تبدأ بعد .

د.فطين البداد

جي بي سي نيوز 2017-09-17

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات