لا يرفّ للمسؤولين جفنٌ!

تم نشره الأربعاء 03rd تشرين الثّاني / نوفمبر 2010 07:07 صباحاً
لا يرفّ للمسؤولين جفنٌ!
محمد ابورمان

في الأعوام الأخيرة بدا واضحاً أنّ هنالك تدهوراً نوعياً وملموساً في المشهد العام بصورة غير مسبوقة، وأحسب أنّنا لسنا بحاجة إلى سرد متوالية وسلسلة طويلة من الانهيارات الجارية: في سيادة القانون وهيبة الدولة، والتعليم العام والحكومي، وتجذّر الفساد ونهب المال العام، وصعود الهويات الفرعية بما يهدد السلامة الوطنية الاجتماعية، وانهيار الطبقة الوسطى وانفجار العنف الاجتماعي، وذبول بقية الثقة بين الدولة والمجتمع، وثبوت وجود أزمة مرعبة في القيم الوطنية لدى جيل الشباب، والفشل في إدارة الخدمات العامة.

أزمة واحدة من هذه الأزمات كفيلة بأن تقرع جدران مليون خزّان، وأن تدفع إلى "فَزَعٍ" سياسي لدى مطبخ القرار والدوائر الرسمية والمثقفين والنخب السياسية، للعمل فوراً على وضع "خريطة طريق" للتدهور والأزمات المتولدة عنه، وتحديد "نقطة التحول" المطلوبة لتكون عملية الدوران والسير في الاتجاه المعاكس للمسار الحالي.

لكن ذلك لم يحدث حتى الآن، ونرى فصول التدهور في ملفات عديدة، بصورة مقلقة ومتسارعة! فما نزال نتعاطى المسكّنات ونخشى القيام بجراحات حقيقية تعالج الأمراض بدلاً من تخفيف حدة الآلام.

ثمة مراجعات حدثت في مستويات القرار العليا، هذا صحيح. وهنالك، أيضاً استدراك تمّ بالفعل في بعض الجوانب، بخاصة في إنقاذ الموازنة العامة والحد من سرعة قطار الدّين والعجز، بالتوازي مع بعض الاجتهادات في مواجهة الأزمات، مثل تشديد القبضة الأمنية على البؤر والتجمعات الخارجة على القانون وملاحقة المطلوبين، لكن ذلك لا يشكّل 10 % من الخطوات المطلوبة.

على النقيض من ذلك، فإنّ الدولة تمعن السير في "طريق التدهور السريع" في مسارات أكثر خطورة، كما الحال في الحكم مسبقاً، من خلال قانون الانتخاب الحالي، على البرلمان المقبل بأن يكون هزيلاً وضعيفاً، وغير قادر على مواجهة استحقاقات المرحلة، ولا استعادة حضور هذه المؤسسة البنيوية في النظام السياسي، ولا تحسين مستوى الحوار السياسي في المجال العام، ولعلّ المشهد الانتخابي الرديء الحالي مؤشر واضح على طبيعة المخرجات وتأثيرها على الحياة السياسية.

والجامعات ما تزال تخضع للمعايير نفسها في تعيين الأساتذة والاستثناءات في قبول الطلبة ومحاصرة الأنشطة السياسية.

مشاجرة جامعة اليرموك الأخيرة وانتقالها إلى جامعة إربد الأهلية بمثابة دلالة رئيسة أنّ الأزمات لا تموت وحدها من دون علاج حقيقي، وأنّها تتكرر بصورة أفظع وأشرس، وتصبح معالجتها تتطلب علاجاً أكثر ألماً.

بلا أدنى شك، كارثة وطنية أنّ تتحوّل جامعاتنا إلى مسرح لصدامات ونزاعات عشائرية وإقليمية في القرن الحادي والعشرين، فأيّ عارٍ هذا، أن نرى أبناءنا في الجامعات ملثمين ويهتفون بالرموز الوطنية في صدامات تتناقض في أبسط تعريفاتها مع منطق العلم والمعرفة وفكرة الجامعة ذاتها.

في الولايات المتحدة قامت الدنيا ولم تقعد قبل أسابيع عندما تراجع ترتيب الولايات المتحدة في التعليم إلى المرتبة الحادية عشرة عالميا، وتحدّث كبار الكتّاب وخصصت ملفات في أفضل وأهم الصحف والمجلاّت، وجرت عملية نقد ذاتي قاسية وشديدة، فيما نقف نحن نشاهد التراجع المرعب في التعليم في كل شيء، باعتراف رسمي واضح وصريح، ولا يرف لمسؤولينا جفن!

ما نحتاج إليه هو مبادرة جريئة شجاعة من الدولة بإصلاحات جذرية حقيقية في المجلات كافة، وبممارسة عملية نقد ذاتي قاسية، وبالمضي في تصحيح المسارات والعمل على وقف التدهور. باختصار نحتاج إلى إعلان البدء بمشروع لـ"الإنقاذ الوطني".  (الغد)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات