مركز أبحاث للطاقة البديلة

اصبح هاجس البشرية البحث عن مصادر الطاقة البديلة في ضوء المعلومات المؤكدة التي تشير الى قرب موعد نضوب النفط في مظانه الحاضرة، وان عهد الطفرة النفطية يوشك ان يسدل الستارة على هذا الفصل من عهود البشرية المتوالية، ليصبح فصلاً من فصول التاريخ، ومحلاً للدراسة والتقويم، والذي أريقت من أجله الدماء ومزقت الأشلاء ليقترب بزوغ فجر جديد تفتح الأجيال فيه على فصل جديد، له فرسانه وله مسارحه وله فنونة وسياساته، وقوى جديده تظهر بحسب القدرة على استشراف المستقبل وبحسب القدرة على الامساك بأدوات القوة، والقدرة على فهم نواميس الكون وقوانين التغيير الاجتماعي القادم.
ربما كانت الأمة العربية من أكثر الأمم حظاً وافراً في هبة النفط، ولكن ما هو محل الجزم المؤكد، أنها لم تكن أسعد الأمم بهذه النعمة إذ أنها لم تحسن التعامل معها وفقاً لمعطيات الاستثمار الأنجح والأفضل أثراً على مستقبل الأجيال والأوطان، إن لم تكن نقمة في تقويم بعض المحللين، الذين يرون ان النفط أهم عامل جاذب لأنظار الدول المستعمرة، التي تسلطت على المنطقة وفرضت عليها وضعاً خاصاً، من أجل ضمان عدم تهديد مصالحها المتمثلة بأهم مقوم من مقومات الحياة بلا منازع وهو مصادر الطاقة.
نحن الآن على أعتاب عصر جديد، ومرحله مختلفة، والسعيد فيها من أحسن الاتعاظ وحفظ الدرس، والمؤمن لا يلدغ من حجر واحد مرتين، فلا بد لأصحاب القرار وأهل المسؤولية الذين يتحملون أمانة البلاد والعباد والأجيال القادمة السعي بجدية نحو البحث عن موطىء قدم في المسرح القادم، ولذلك لا بد من المسارعة بإنشاء مراكز للأبحاث والدراسات المعنية والمتخصصة بالطاقة البديلة، وأن يرصد لها الأموال والعقول الشابة والخبرات المشهود لها على مستوى البلاد، والبحث على توظيف الكفاءات بنزاهة وأن يتم فتح باب التنافس في هذا المجال على أشده، وأن ترصد الجوائز والمكافآت الثمينة والمجزية لكل صاحب ابتكار غير مسبوق، يصلح أن يشكل لبنة حقيقية في البناء التأسيسي لهذا الصنف من العلوم.
وربما تكون الدول العربية محظوظة مرة أخرى بهبة الشمس التي تشكل مصدراً من أهم مصادر الطاقة البديلة القادمة، بحيث تصبح الصحراء العربية اللاهبة مصدراً لتزويد العالم بطاقة شمسية بديلة مرة أخرى، ولكن ما يجب الانتباه إليه، أننا ينبغي لنا أن نسهم في هذا الجانب بجهد عقلي عربي واضح، وأن لا ننتظر ثمرة عقول غيرنا، كما كنا سابقاً، وها هم اليابانيون سوف يزودون العالم بخط إنتاج سيارات تسير على الطاقة الكهربائية بالكامل، وهناك دول كثيرة شرقية وغربية، استطاعت إنجاز خطوات متقدمة على صعيد الطاقة المتجددة من الرياح والشمس، وهم بصدد الوصول إلى انجازات حقيقية باهرة في هذا المجال.
كم أشعر بالضيق الداخلي ينتابني عندما ألقى السمع لوقع أقدام الشعوب المتحضرة في ميدان السباق العلمي والإنجاز الحضاري، ولا تكاد تسمع إلا أصوات التثاؤب وآهات الكسالى من النيام والمنتظرين على مدرجات الإنتظار، والإكتفاء بمشاهدة انجازات الآخرين، ان الجامعات والمعاهد العلمية التي تملأ أرضنا وسماءنا، تتحمل مسؤولية علمية وأدبية وأخلاقية في هذا المجال، بكل تأكيد. (الراي)