عشاء الثلاثاء الاخير

بثت وكالة الانباء الاردنية (بترا) لقاء مع الاقتصادي الاردني عثمان محمد علي بدير, قال فيه ان معظم شركات الاردن تأسست على هامش عشاء اسبوعي كان يعقد كل ثلاثاء, ويحضره ياسين التلهوني والياس المعشر وعبدالرحمن ابو حسان ومحمد ماضي وجودت شعشاعة ووفاء الدجاني وبدير نفسه.
ومن الشركات التي انبثقت عن هذا العشاء: الكهرباء - الفوسفات - الدخان - الدهان - مصفاة البترول - التأمين وغيرها من شركات الادوية والانشاءات والمقاولات..
ويؤشر الخبر على الملاحظات التالية:
1- هذا المزيج من الاردنيين والشوام والفلسطينيين ومن المسلمين والمسيحيين, وذلك بخلاف محاولات البعض رد (النهضة الاقتصادية) المذكورة الى فئة دون غيرها, سواء كانت اردنية او فلسطينية او شامية.. الخ. وبخلاف من يرد ذلك ايضا الى القطاع العام (الحكومي) عبر حكومات معينة او الى القطاع الخاص..
فالاردن الحديث ولد بسواعد الجميع ولا يحق لاحد نسب هذا الانجاز او احتكاره واشتقاق حقوق خاصة منه, سواء كانت (كاملة او منقوصة).
2- ان الغالبية الساحقة من الشركات التي انبثقت من عشاء الثلاثاء كانت شركات صناعية انتاجية يمكن تصنيفها كبرجوازية وطنية, مما يفسر ايضا البعد العروبي عند العديد من مؤسسيها..
ومن المؤسف ان هذا القطاع الصناعي الانتاجي فقد وزنه الاقتصادي والاجتماعي والسياسي السابق منذ ان سيطر رجال البنك الدولي والبورصات ورجال البزنس على الحياة الاقتصادية, مما يفسر بالمقابل انسجام هذا الفريق الجديد مع الاستحقاقات الخطرة لكل تداعيات الانهيار السوفييتي والعدوان على العراق وما تلاه من مناخات سياسية معروفة من مدريد الى اوسلو ووادي عربة وما يسمى بالشرق الاوسط الجديد.
ومن الاستحقاقات الخطرة لكل ذلك ايضا تفسخ النسيج المدني ومناخات التوتر الاقليمي مقابل تماسك الوحدة الوطنية في مناخات الاقتصاد الانتاجي السابق.
3- من المؤسف القول اخيرا, ان عشاء الثلاثاء الذي اضاء الاردن بالكهرباء وعبد طرقاته بالاسفلت ونافس الريجي في صناعة التبغ وعلم الاردنيين صناعة الدواء ولعبة الالوان على الحيطان.. كان العشاء الاخير والخطوة التي لم تكتمل في رحلة الالف ميل. (العرب اليوم )