على هامش موازنة 2011

عندما تم تخفيض النفقات الرأسـمالية لسـنة 2010، اعتبر ذلك إجراءً صحياً لأن من شأنه تخفيض العجز في الموازنة وتقليل الحاجة للاقتراض. وعندما ترتفع النفقات الرأسـمالية لسنة 2011 بنسبة 16% يعتبر ذلك إجـراءً صحياً لأن من شأنه تحفيز النمو الاقتصادي.
لماذا تمتدح وزارة المالية كل إجراءاتها ولو كانت باتجاهات متعاكسـة؟ ألا يستطيع مناكف أن يستعمل نفس المنطق ويقلب الصورة ويقول إن تخفيض النفقات الرأسمالية في سنة 2010 كان إجراءاً ضاراً لأنه أثر سـلباً على النمو الاقتصادي، وأن زيادة النفقات الرأسمالية في سنة 2011 هي إجراء سلبي لأن من شأنه زيادة العجز في الموازنة وارتفاع الحاجة للاقتراض!.
إعداد الموازنة العامة في الأردن ليس عملية اختيارية، يسـتطيع وزير المالية فيها أن يرفع هذه المخصصات أو يخفض تلك كما يرى مناسباً، فهناك وقائع تفرض نفسها عليه، بحيث لا يبقى سـوى بنود هامشـية تخضع جزئياً لإرادة راسم الموازنة، وما زاد عن ذلك يحتاج لقرار سياسي صعب لم ُيتخذ بعد.
من الأمور الهامشية تخفيض ما سمي بالنفقات التشغيلية، أي تلك اللازمة لاستمرارية عمل مكاتب الوزارات والدوائر، مثل الماء والكهـرباء والهاتف وخدمات النظافة والقرطاسـية إلى آخره وهي نفقات لابد منها، ومع ذلك تم تخفيضها بنسبة 15% مما يؤثر سلباً على تشغيل دوائر ومكاتب الدولة. وسيتم تغطيتها بملحق قادم أو بالنقل من مخصصات أخرى إذا نفد المخصص قبل نهاية السنة كما هو متوقع، وبخلاف ذلك لا بد من المماطلة في تسـديد فواتير هذه الخدمات كما هو حاصل عملياً، حيث يشـكو الموردون من تأخير أو عدم دفع مطالباتهم بحجة انتهاء أو عـدم وجود مخصصات.
يستطيع ناقد أو محلل أن يعترض على بعض جوانب الموازنة أو أن يتمنى لو تم رفع هذا البند وتخفيض ذاك لتحقيق أهداف مرغوب فيها، ولكن الإنصاف يقتضي أن يستوعب الناقد أولاً الظروف الضاغطة التي تصاغ الموازنة في ظلهـا، وهامش الحرية الضيق لصانع الموازنة، وأن بعض القرارات ليست مالية بحتة ولا تتقرر على ضوء الاعتبارات الاقتصادية وحدهـا.
مشـروع موازنة 2011 يعكس ظروف الأردن الصعبة، والإشكاليات والمحددات التي تواجـه السياسة المالية، وحجـم الإرادة السياسية المطلوبة لتحقيق الإصلاح المالي. (الراي)