الأحزاب في مواجهة المعنى والجدوى

تم نشره الأربعاء 11 تشرين الأوّل / أكتوبر 2017 12:50 صباحاً
الأحزاب في مواجهة المعنى والجدوى
إبراهيم غرايبة

ألقى حزب التيار الوطني حجرا في بركة الأحزاب، وكانت الجلسة التي عقدها المجلس المركزي مواجهة صريحة مع الذات كما هي أيضا مواجهة مع الدولة والمجتمع، فالعمل الحزبي كما قال السيد عبد الهادي المجالي رئيس الحزب يواجه حالة من التغييب والتهميش، كما "نعيش مرحلة من عدم وضوح الرؤيا السياسية"، وتساءل المجالي كما في التقرير الذي نشرته الغد (8 تشرين الأول 2017) أسئلة تحمل إجاباتها؛ هل هناك فائدة من العمل الحزبي؟ وهل تقدمنا خطوة للأمام في ظل غياب الأمل، وفي ظل تغييب العمل الحزبي وعدم اتخاذ اجراءات تشريعية تعمل على تعميق الحياة الحزبية وتقويتها؟ وفي السياق نفسه أضاف أحمد الحمايدة رئيس اللجنة المركزية للحزب هل هناك مستقبل للحياة الحزبية في الاردن؟
وبالطبع فإنها مقولات وأفكار ليست مفاجئة، لكن المفاجئ هو الاعتراف بالحالة ومواجهة الذات بها، فالحياة الحزبية في البلاد أقرب إلى الوهم، حتى حالة حزب جبهة العمل الإسلامي الموصوفة بأنها استثناء من حيث امتلاك قاعدة اجتماعية واسعة فإنها في واقع الحال لا تخرج عن وصف الحالة الحزبية القائمة، ذلك أنها قواعد اجتماعية غير قائمة على الموارد والشروط الحقيقية للمشاركة العامة، ليست سوى تجمعات تمزج بين التعصب الديني والجهوي، ففي إكساب التعصب والانفصال الاجتماعي حالة من التدين يتحول العمل السياسي كما الانتخابات النيابية والنقابية والبلدية والطلابية إلى انفصال عن الواقع واستعلاء عليه، وليس عمليات سياسية ونقابية تؤثر في السياسات العامة باتجاه اهداف المجتمعات والناخبين، وفي ذلك فإنها حالة خطيرة؛ أشد خطورة وضررا من الركود الحزبي والعزوف الشبابي والاجتماعي عن المشاركة العامة والحزبية. 
والحال أن نخبة أو طبقة سياسية واجتماعية غير واضحة المعالم صرنا نسميها "الحكومة" أدارت الانتخابات والحياة السياسية على نحو يمضي بها بعيدا عن أهدافها ويمنع تشكل جماعات وأحزاب تتنافس على السلطة وتتداولها، وبطبيعة الحال فإنها سياسات أضعفت المجتمعات نفسها وعزلتها عن فرص التأثير والمشاركة، هكذا فإن الانتخابات العامة لم تعد تقدم القيادات الاجتماعية المعبرة عن مصالح وأهداف المدن والمجتمعات والمواطنين، ثم وفي حالة من التراجع والانهيار لم تعد المجتمعات بما هي المدن والنقابات والطبقات موجودة على نحو مؤسسي متماسك يعي وجوده ومصالحه وأفكاره.
إعلان حزب التيار الوطني ليس فقط إعلان وفاة الأحزاب السياسية، لكنه أيضا يقرع الجرس للمواطنين والمجتمعات والمدن والنقابات ومستهلكي الخدمات الأساسية في التعليم والصحة والاتصالات والتمويل والماء والطاقة التي صارت تملكها وتهيمن عليها شركات تجارية وتقدمها على نحو فيه من الإذعان والإذلال للمواطنين! بل إن المواطنة نفسها لم تعد مفهوما واضحا ومحددا او يشبه مفهومها لدى أمم العالم في التاريخ والجغرافيا، هي في واقع الحال أقرب إلى أن تكون ليست مواطنة.

الغد  2017-10-11



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات