حياة الحياة وعيشها

تم نشره الإثنين 16 تشرين الأوّل / أكتوبر 2017 01:12 صباحاً
حياة الحياة وعيشها
رمزي الغزوي

كان الواحد منا إذا ما تعثر في طفولته، وهو يلعب أو يتشعبط كقرد، وقبل أن ينفجر بالبكاء، ويرقص ألماً، كان الأهل يتدخلون سريعاً، ليس بإسعاف الولد، وإنما كانوا يقولون له موبخين: لقد ثقبت البلاطة. ربما كانوا يبادرون إلى هذا القول، ليصرفوا انتباه الواحد منا عن الوجع؛ فينسى سقطته الواخزة ودمه، ويبدأ بالبحث بإمعان شديد عن الشق العميق، الذي أحدثه في الأرض. 

الفلاحون كانوا يتبعون طقساً مشابهاً لحيلة ثقب البلاطة مع العريس، فقبل دخوله إلى عروسه في مصمدها، ينال بعضاً من الضرب!؛ ربما ليصرفوا أفكاره عن مباهج ليلته العسلية المرتقبة، التي باتت قاب ساعة أو أدنى، خصوصا أن عرسان أيام زمان، كانوا لا يعرفون شكل عرائسهم، إلا من وصف الأمهات والأخوات.

فبعد نسف المناسف، وبعد الزفة الحامية، التي تستنفذ قوى الشباب، والفاردة الصاخبة، التي تأتي بالعروس، لا يبقى إلا أن يدخل العريس، ليصمد جوار عروسه على (اللوج)، والذي كان في أحسن حالاته طاولة خشبية، يحشر فوقها كرسيان صغيران. ثم تشتعل أمامهما الرقصات والزغاريد.

أصدقاء العريس الحميمون، الذين ما زال تعب الزفة عالقاً بهم، هؤلاء ينتظرون متصربصين هذه اللحظات، التي يدخلون فيها عريسهم. وبالطبع العريس في هذه الأثناء، يشطح بفكره نحو عروسه المتشوق لها، فيداعب الخيال رأسه، وقد تطفح نتائجها على جسده، من ارتعاش أو تعرق أو لهفة وانخطاف لون، لذا كانوا يضربون عريسهم؛ لأن الخوف كفيل بطرد كل المظاهر التي قد تنتابه.

بعض أصدقاء العريس يستغلون الفرصة ليصفوا حساباتهم القديمة معه، حسابات من عهد الطفولة، فيباغتونه بصفعة، أو ضربة عصا، أو سوطة (عقال)، أو ركلة عابرة للقارات، ولكن العريس الحاذق، في ساعة الصفر، يحاول الهرب بسرعة البرق، متخطياً الصفعات، ليصل إلى عروسه لا هم له، إلا أن يهدأ روعة، ولا مساحة في فكره، ليفكر في ليلته الدانية. ويكون قد تحقق الهدف!.

نعيش حياتنا الصاخبة، المليئة بالعثرات والدرجات المكسورة والبلاطات المثقوبة، نعيشها تطاردنا صفعات العيش، وأسواط المتاعب، وعصي الهموم، فننسى في غمرة أفكارنا وخيالاتنا وأحلامنا أن نحيا لذاذة الحياة العروس. فرق كبير بين عيش الحياة وحياتها. 

الدستور 2017-10-16



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات