«دَمَّرَتْ» الرقة.. ما الذي تُريِده اميركا... «في» سوريا؟

تم نشره الأحد 22nd تشرين الأوّل / أكتوبر 2017 12:48 صباحاً
«دَمَّرَتْ» الرقة.. ما الذي تُريِده اميركا... «في» سوريا؟
محمد خروب

لم يَبقَ حجر على حجر في لؤلؤة منطقة الجزيرة السورية, تلك المدينة التاريخية العظيمة التي اسمها «الرقة»، بعدما حوَّلتها طائرات التحالف الاميركي الى انقاض وخراب عميم, وقضت على اسباب الحياة فيها، بل اعملت فيها القنابل الذكية، وتلك الغبية, نيرانها وحرائقها على نحو قيل لنا انها قد «تحرّرت» ولم يملك رئيس الدبلوماسية الاميركية ريكس تيلرسون من فرط انفعاله وتأثره وفرحه سوى تهنئة «الشعب السوري» وقوات سوريا الديمقراطية (بالطبع) على تحرير الرقة.. لكنه لم يقل لنا حفظه الله.. اين ذهب مقاتلو داعش الذين أتخذوا من المدينة... عاصمة لإمارتهم؟

هنا والان يحضر السؤال: عن الاهداف التي سعت وتسعى اليها واشنطن من وجودها العسكري على الاراضي السورية, والذي هو غير شرعي وفق اي قانون او اعراف, وبخاصة في ظل التصريح اللافت إياه الذي خرج علينا به تيلرسون وهو في طريقه الى جولة واسعة تأخذه الى منطقة الخليج والهند وسويسرا.. عندما «بشّرنا» ان «مُهِّمتَنا في سوريا... بعيدة عن النهاية».

ما الذي يعنيه هذا؟ إذا لم يكن سوى خطوة اخرى على طريق تخريب الجهود المبذولة لتسوية الأزمة السورية سياسياً؟ وإذا لم يكن الهدف الرئيس من وراء هذا الاصرار الاميركي على البقاء في سوريا, سوى العمل بلا كلل من اجل تقسيمها وتنفيذ ما عجزت عنه دول اقليمية عديدة عربية وغير عربية لدفع مخطط التقسيم واسقاط الدولة السورية الى الأمام؟ وما أن فشلت الحرب العالمية على سوريا وانتهت الى هزيمة مدوية ما تزال اصداؤها تتردّد في عواصم الاقليم وعبر المحيطات، حتى برز التحالف الاميركي الذي زعم انه تشكّل وقام من اجل محاربة داعش, فيما هو يفشل وتفضحه الحقائق التي تقول انه اثناء غاراته لتدمير الرقة, انما فتح «معابر آمنة» لارهابيي داعش, كي يلتحِقوا بنظرائهم في دير الزور وبعض اريافها لمقاتلة القوات السورية والحؤول دون تحريرها ما تبقى من احيائها, وقطع الطريق عليها للوصول الى الحدود السورية العراقية نحو مدينة البوكمال الحدودية بعد تحريره مدينة الميادين, وخصوصاً لمنعه من الوصول الى حقول النفط في المنطقة التي وضع الاميركيون يدهم على بعضها وبخاصة المجمّع المعروف باسم «كوينكو».

مهمة التحالف الاميركي بعيدة عن النهاية بالطبع، بعد ان ألحق مرتزقة قوات سوريا الديمقراطية مدينة الرقة (إثرالنصر «التاريخي» فيها) بـ»فيدرالية الشمال» وغدت على ما قال لنا طلال سلّو الناطق باسم هؤلاء المرتزقة الذين رفعوا صورة ضخمة لعبدالله اوجلان (غير السوري بالمناسبة) على ميدان المدينة الشهيدة، وأن الرقة قد غدت منذ الان جزءاً من «سوريا ديمقراطية.. لا مركزية اتحادية» سيقوم أهالي المحافظة بادارة شؤونهم بانفسهم، ولم يقل لنا رعاه الله من اين سيأتي بالاهالي هؤلاء؟ واين سيُسكِنهم؟ وعلى اي مرافق او خدمات سيعتمدون لإعاشة انفسهم وادارة شؤونهم؟

على الذين يُديرون ظهورهم لحقيقة الدور الاميركي في سوريا والعراق (والمنطقة عموماً وبخاصة في فلسطين) ان يُدقِّقوا جيداً في الكيفية التي يُحرِّر بها الاميركيون مناطق سيطرة داعش المتداعي اصلاً والذي اقترب من نهايته المحتومة, ولكن ليس على يد الاميركيين، فمدينة الموصل الشهيدة هي الاخرى تم تدميرها بالكامل وخصوصاً جانبها القديم (الشرقي) ولم يعد قابلاً للعيش فيه, لكن الاهم ان داعش هرب او تم تهريبه وواصل الاميركيون «الاستثمار» فيه من أجل توظيفه لاحقاً كي يواصِلوا «الإقامة» في العراق ودائماً في سوريا, لعرقلة محاولات حل الأزمة سياسياً والعمل على تقسيمها وفرض حلول تفتيتية عليها, دون النظر الى المصير البائس الذي انتهت اليه محاولاتهم دفع مسعود برزاني للإقدام على خطوته غير المحسوبة التي الحقت اليأس والمرارة في صفوف كرد العراق, بعد ان خُدِع كثيرون منهم بوعود «الزعيم» الذي لم تكن سوى مصالحه الشخصية والعائلية والحزبية.. هي دافِعه للإقدام على خطوة انتحارية كهذه.

ما أطلق الاميركيون عليه وصف عملية «غضب الفرات» للتغطية على مؤامرتهم التي باتت مكشوفة باستخدام كرد سوريا «وتطعيمهم» ببعض العرب, كي يضعوا مخطط تقسيم سوريا موضع التنفيذ، لم يعد بمقدورهم الان مواصلة التخفي خلف مرتزقة ومشروع مشبوه كالفيدرالية, الذي فضح إعلان «ضم» الرقة (العربية هي ومدينة تل ابيض ومعظم المناطق الحدودية الشمالية) الى فيدرالية الشمال المزعومة, زيف الادعاء بالادارة الذاتية للمناطق «الكردية» في شمال سورية، التي لا يزيد عدد سكانها الكرد عن مليون ونيف نسمة من أصل (23) مليون سوري(7%)، الأمر الذي يجعل من مسألة الادارة الذاتية نكتة مُضحِكة, كمسعى محكوم بالفشل الذريع والخسران, لتقسيم البلاد واطاحة الدولة السورية.

المشروع الاميركي المتواصِل والخطير في سوريا, لن يكون مصيره مختلفاً عن ذلك المصير البائس الذي انتهى اليه مشروع الرِهان على الارهاب الذي دام سبع سنوات وآل الى فشل موصوف وهزيمة منكرة, لكل الذين انخرطوا فيه. وحكاية الدعوة الى «إعمار خراب الرقة» التي تبرّع الفتى المُتأمرِك الساكن في قصر الاليزية «ماكرون» للمساهمة فيه, لن تنطلي هي الاخرى على أحد. فالحرب على الارهاب لها عنوان واحد هو الانضمام الجاد والعملي لمسار استانا ووضع حد للوجود العسكري الاميركي غير المشروع في الرميلان وسبع مناطق اخرى في الشمال السوري (فضلاً عن قاعدة التنف الحدودية مع العراق), وبغير ذلك فستكون مقاومة المشروع الاميركي مشروعة وضرورية وخصوصاً عاجلة, كمهمة لا مناص منها لكنس الارهاب وادواته في المنطقة بأسرها.

الراي 2017-10-22



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات