خمسة زائد خمسة يساوي 55 !

المدينة نيوز – خاص - كتب: خالد محادين - كما يصعب على الحكومة ان تقدم دليلا واحدا ملموسا وحقيقيا، على ان انتخاباتنا الاخيرة كانت نزيهة وشفافة، فانه يصعب على أي مشكك في هذه الشفافية والنزاهة ان يقدم مثل هذا الدليل الملموس والحقيقي، لذا سأتجاوز هذه المسألة واقف مع الانتخابات ونتائجها، وأؤكد اولا ان كوتا الحكومة اكتسحت مقاعد مجلس النواب، حتى ان خمسة او عشرة معارضين لم يتمكنوا من خرق هذه الكوتا، والامر الثاني ان الارقام المنشورة عن النتائج كشفت عن النظرة الدونية التي ينظر من خلالها معظم المرشحين لا تشير الى معرفتهم بمسؤولية النائب، لهذا كشفت هذه الارقام عن مأساة حقيقية حيث ان بعض المرشحين لم يحصل سوى على عشرة اصوات او عشرين صوتا او اقل من مائة صوت وربما مائتين من اصوات عشرات الالاف من المواطنين الذين يحق لهم التصويت.
وعندما تعلن الحكومة على لسان رئيس وزرائها وغالبية وزرائها والمنافقين لها وكتبتها الاشاوس ان نسبة التصويت كانت 53% فان هذا الرقم لم يجد من يصدقه، لان الحكومة للوصول الى هذه النسبة كشفت عن جهل فاضح للتعامل مع الارقام والنسب والرياضيات القديمة والحديثة، اذ تصرفت الحكومة وحسبت الحكومة نسبة التصويت كما فعل التلميذ الكسول والجاهل الذي سأله استاذه عن حاصل جمع خمسة الى خمسة، فرد التلميذ بحماس: 55 يا استاذ واذا وضعنا جانبا الارقام الرسمية المعلنة للناخبين، ودون التوقف بجدية امام النزاهة والشفافية، وامام بيع وشراء الاصوات وامام ما تحدث عنه المراقبون من حصول عمليات تزوير- لا قدر الله- وامام مئات المرشحين الذين لم يحصلوا سوى على عشرات ومئات الاصوات، فان حسبة الحكومة لم تأخذ في الحسبان وعينا وكشفنا للطابق ومتابعتنا عن قرب وبعد لمجمل العملية الانتخابية، التي اعادت الصورة التي قدمها مراقبو ومتابعو انتخابات دولة مينمار حيث اكد هؤلاء ان الموظفين على الصناديق وقوى الشرطة والامن والدرك والبادية كانوا اكثر من الناخبين!!
وحتى لاستخراج النسبة الحقيقية فان ثلاث محافظات فقط يجب ان تؤخذ بالحساب هي العاصمة واربد والزرقاء، حيث يمثل المواطنون فيها اكثر من ثلثي الشعب الاردني بكامل نسمته وعديده.
بالنسبة لجهود الحكومة ووزارة الداخلية ودائرة الاحوال المدنية في تثبيت دائرة الناخب، فانني ارى في اسرتي الصغيرة ذات السبعة افراد نموذجا عليها، فقد تبين لي ان رب هذه الاسرة كاتب هذه السطور مسجل في دائرة الكرك ودائرة ام اولادي هي الثالثة في عمان ودائرة ابنائي الخمسة هي الثانية والخامسة من دوائر العاصمة، ومن المؤكد ان غيابنا عن هذا العرس الديموقراطي سمح لسوانا بالانتخاب بدلا عنا، ومثل هذا الامر لا يقلل من جهود المسؤولين ولا يؤثر على النزاهة والشفافية، اللتين طبقتا على كل انتخاباتنا السابقة ونتعامل معها كموروث تاريخي ومألوف حكومي!!
تقسيم الوطن وتفتيت المواطنين بموجب قانون الانتخاب المؤقت الذي لم يشارك احد سوى الحكومة في انجازه على هذه الصورة التعسفية والديموقراطية والمسؤولة، واعتبرت الانتخابات العرس الديموقراطي الذي اقيم تحت الحراسة المشددة وفي خنادق امنية تتولى حراسة الناس وحراسة الحكومة القادرة على الانجاز والاشراف والفرز واعلان النتائج بشكل يؤكد ان غالبية الاردنيين لم تصوت ولم تشارك هذه الممارسة الديموقراطية.
الاسلاميون ومعهم قوى وطنية كثيرة نأوا بانفسهم عن ممارسة لا يثقون بها، وغالبية واعية ومستقلة نأت بنفسها عن الذهاب الى مراكز التصويت لاسباب سياسية او امنية والاردنيون من اصل بلجيكي باتت كل مؤسسة او دائرة او موقع حكومي دائرة تفتيش ومتابعة تدخل فيها الساعة الثامنة او التاسعة اوالعاشرة صباحا مواطنا اردنيا 24 قيراط وبعد عشر دقائق تغادرها بلا هوية ولا رقم وطني ولا جنسية في تعبير مطابق للشعار الذي يقول (الوطن للجميع والجميع للوطن) او (الوحدة الوطنية مصونة ومقدسة) او (الاردني اردني بغض النظر عن اصله ومنبته) ومثل هذا الكلام – الشعار ملأ شوارعنا وازقتنا وواجهات عماراتنا واعمدة كهربائنا ولو وضعته في خلاط مولينكس لاخراج لك كأسا من الاقليمية والتصفية والكذب والعنصرية والتمرد على الولاء الوطني والانتماء القومي والمشاعر الانسانية التي تجعل من الاوطان بيوت محبة وليس غابة تستهدف وحوشها نصف سكانها.
عمان العاصمة بسكانها الذين يتجاوزون المليون وربع المليون على الاقل، نائب واحد تجاوز ناخبوه العشرة الاف صوت، وبقية الفائزين ظلت ارقامهم بين خمسة الاف ناخب والفي ناخب وما يقال عن عمان يقال عن بقية المحافظات ثم تؤكد الحكومة الرشيدة ان الاقبال كان لافتا للنظر، وان المقاطعة لم تنجح وان المجلس الخامس عشر مكرر سيبدأ التغيير، ولا احد يخوض في مسألة التغيير نحو الافضل ام التغيير نحو الاسوأ واقترح هنا على هذا المجلس عند نظره في القانون المؤقت للانتخاب – اذا تم عرضه لاقراره- ان يخصص القانون مقاعد كوتا للاخوة الاردنيين من اصل بلجيكي، لعلنا نخطو خطوة واحده على طريق الالف ميل نحو انتمائنا القومي، اذ لا شيء يمنع من التعامل مع هؤلاء الاخوة كركاب ترانزيت او كجالية نكرهها ونسلبها ابسط حقوقها.